يبدو أن مارسيلو بيلسا وأوروغواي مناسبان تماماً كليهما للآخر؛ نظراً إلى أنه مدير فني رائع ويقود فريقاً مدججاً بالنجوم والمواهب الرائعة أيضاً. وعلاوة على ذلك، يمكن وصف بيلسا وأوروغواي بأنهما غريبان، لكن بطريقة محببة تجعلهما معشوقين لجمهور كرة القدم حول العالم.
ونظراً إلى أن عدد سكان أوروغواي يزيد قليلاً على 3 ملايين نسمة، فمن المؤكد أنه لم يكن من المفترض أو المتوقع أن تقدم البلاد هذه المستويات القوية في عالم كرة القدم. وعندما ترى بيلسا وهو يجلس على المبرد بطريقة غريبة خلال إحدى المباريات، أو تعلم أنه اتصل بمشجع بعد أن وعده بأنه سيتحقق لمعرفة ما إذا كان الأمن سيسمح له بفتح إحدى الحصص التدريبية لمنتخب أوروغواي في «كوبا أميركا» أم لا، فمن المؤكد أنك ستشعر بأنه ربما لم يكن يتعين على بيلسا أن يعمل مديراً فنياً من الأساس!
وهناك شيء آخر مشترك بين بيلسا وأوروغواي: حتى أكبر داعميهما يجب أن يعترفوا بأنه قد مر وقت طويل منذ أن فاز أي منهما ببطولة. والآن، تأمل أوروغواي بقيادة بيلسا أن تحصل على لقب بطولة «كأس أمم أميركا الجنوبية (كوبا أميركا)» لأول مرة منذ فوزها باللقب على الأراضي الأرجنتينية في عام 2011، وهو إنجاز من شأنه أن يجعل منتخب أوروغواي ينفرد بالرقم القياسي بصفته أكثر المنتخبات فوزاً بلقب «كوبا أميركا»، حيث يتقاسم حالياً الرقم القياسي لأكثر المنتخبات تتويجاً باللقب مع الأرجنتين برصيد 15 لقباً لكل منهما.
وعلى الرغم من أن بيلسا يحظى باحترام هائل في أميركا اللاتينية وخارجها، فإنه يتعرض لانتقادات أيضاً، خصوصاً فيما يتعلق بفشله في الحصول على أي بطولة في أعلى المستويات. فقبل الفوز بلقب دوري الدرجة الأولى في إنجلترا وقيادة ليدز يونايتد إلى التأهل للدوري الإنجليزي الممتاز في موسم 2019 – 2020، كانت آخر مرة فاز فيها بيلسا ببطولة في عام 2004. وعلى الرغم من أن الفوز بالميدالية الذهبية الأولمبية كان انتصاراً كبيراً، فإن الأرجنتينيين ربما لا يتذكرون ذلك بالقدر نفسه لتذكرهم احتلال المنتخب الأرجنتيني بقيادة بيلسا المركز الثاني في «كوبا أميركا» خلف البرازيل في عام 2004 قبل شهر واحد في ليما.
وتأمل أوروغواي أن تحقق اللقب هذه المرة. وصعد منتخب أوروغواي، بقيادة المخضرم بيلسا، إلى دور الثمانية في البطولة، بعدما تصدر ترتيب المجموعة الثالثة في مرحلة المجموعات. وصعد منتخب أوروغواي للمربع الذهبي بفوزه 4 – 2 من ركلات الترجيح على نظيره البرازيلي. وقال بيلسا إن صمود فريقه وتحمله الضغط في فوزه أمام البرازيل سلط الضوء على الشخصية المتميزة للفريق. وخسرت أوروغواي جهود لاعبها ناهيتان نانديز بسبب تلقيه البطاقة الحمراء نتيجة الخشونة، ليكمل الفريق الدقائق الأخيرة من الشوط الثاني بعشرة لاعبين، لكنه تراجع ودافع بقوة لتصل المباراة إلى ركلات الترجيح. وبعد المباراة قال بيلسا: «كل ما يحدث يجري بأسلوب أوروغواي؛ لأن اللاعبين هم من يقدمون كل ما لديهم للفريق».
يضم منتخب أوروغواي كوكبة من اللاعبين المميزين الذين يتألقون في أكبر الأندية الأوروبية؛ بمن فيهم فيديريكو فالفيردي لاعب ريال مدريد، وداروين نونيز لاعب ليفربول، ومانويل أوغارتي لاعب باريس سان جيرمان، ورونالد أروخو لاعب برشلونة، بالإضافة إلى كثير من اللاعبين الرائعين الذين يلعبون في أميركا اللاتينية والذين يناسبون تماماً الطريقة التي يريد بيلسا أن يلعب بها الفريق؛ بمن فيهم ماكسيميليانو أروخو لاعب تولوكا، وثنائي فلامنغو: غيورغيان دي أراسكايتا ونيكولاس دي لا كروز. وبالتالي، يبدو منتخب أوروغواي مرشحاً بقوة للفوز بلقب البطولة. كما يوجد النجم المخضرم لويس سواريز القادر على تشكيل خطورة كبيرة على مرمى المنافسين عندما يشارك بديلاً.
وبعيداً عن اللاعبين المميزين، فقد أثبتت أوروغواي بالفعل أنها قادرة على تحقيق نتائج جيدة تحت قيادة بيلسا، حيث تغلبت على البرازيل في مونتيفيديو في التصفيات المؤهلة لكأس العالم في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، واستهلت مباريات نوفمبر (تشرين الثاني) بفوز مذهل على الأرجنتين بهدفين دون رد على ملعب «لا بومبونيرا» بالعاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس.
ومع ذلك، رفض بيلسا الحديث عن فكرة أن فريقه هو المرشح الأوفر حظاً للفوز بلقب هذه البطولة. وسواء أكان ذلك مجرد «حرب نفسية» أم رأيه الحقيقي بالفعل، فإنه يتعين على أوروغواي أن تثبت في كل مباراة أنها تستحق أن تكون منافساً على لقب البطولة.
في الحقيقة، من الصعب أن نتخيل اليوم الذي سيفضل فيه هذا الرجل البالغ من العمر 68 عاماً التوقف عن التدريب من أجل الحصول على قسط من الراحة. ومع ذلك، لا أحد يستمر في التدريب إلى الأبد، وقد تكون هذه هي فرصة بيلسا الأخيرة للفوز ببطولة. وعندما سأله أحد الصحافيين في ميامي عما إذا كانت هذه هي «الرقصة الأخيرة» له، رد المدير الفني الأرجنتيني ببساطة قائلاً: «لا أستطيع أن أتخيل المستقبل».
لكن بينما يرفض بيلسا التفكير في المستقبل، فليس صعباً التفكير فيما يمكن أن يحدث إذا نجح في قيادة أوروغواي نحو الصعود لمنصة التتويج في 14 يوليو (تموز) الحالي. سيتعين على بيلسا أن يوازن بين أفكاره في اللعب، وممارسة الضغط الشديد والمتواصل على المنافسين، ومطالبة لاعبيه بمزيد من الركض داخل الملعب، مع حقيقة أن كثيراً من هؤلاء اللاعبين وصلوا إلى الولايات المتحدة بعد موسم طويل وشاق مع أنديتهم ولعبو على 3 ملاعب مختلفة بمرحلة المجموعات في درجة حرارة تصل إلى نحو 32 درجة مئوية على الأقل. لكن هل يمكن أن تنتهي هذه البطولة بابتسامة بيلسا واحتفاله مع طاقمه التدريبي بينما يرفع لاعبوه الكأس؟
* خدمة «الغارديان»
Share this content: