هل تتسلل الحداثة من النوافذ الملونة لكاتدرائية «نوتردام»؟

تدور في الأوساط الثقافية في فرنسا، لا سيما بين المعماريين، عريضة لجمع التوقيعات ضد استبدال عدد من النوافذ الزجاجية المتضررة لكاتدرائية «نوتردام» بوسطة أخرى منفذة بنقوش حديثة. وكانت الكاتدرائية التي هي من أشهر صروح باريس قد تعرضت، في ربيع 2019، لحريق دمّر أجزاء منها، وهي قيد الترميم منذ ذلك الحين. وجمعت الحملة 140 ألف توقيع حتى الآن.
وفي أواخر العام الماضي، أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون أن ستاً من النوافذ السبع الجديدة للجناح الجنوبي من الكنيسة ستخضع لمسابقة في التصميم يُراعى فيها الأسلوب الحديث. لكن بعد استشارة اللجنة الوطنية الفرنسية للتراث والعمارة رفض أعضاؤها بالإجماع فكرة الرئيس. وكان رأي اللجنة أن النوافذ الموجودة لم تتضرر تماماً بالحريق، بل جرى تنظيفها وتقويتها بأيدي صنّاع مهرة.
يقود حملة جمع التوقيعات الصحافي والمؤرخ الفني ديدييه ريكنر، مؤسس مجلة «منصة الفن». وهو يرى أن النوافذ الملونة التي صممها المهندس أوجين فيوليه لو دوك (1814 – 1879) روعي فيها أن تكون متكاملة ومتماسكة بوصفها عنصراً أساسياً من هندسة الكاتدرائية.
ورغم حملة الاعتراض، فإن رؤية الرئيس ماكرون ما زالت سارية، وبوشر في التنفيذ. فقد تقدم فنانون بملفاتهم وتصاميمهم التي اختير منها خمسة على أن يكشف النقاب عن الفائز لدى إعادة افتتاح الكاتدرائية آخر العام الحالي، بحضور الرئيس ورئيس أساقفة باريس. والهدف من التجديد، حسب مؤيديه، هو ترك بصمة معاصرة تشير إلى الحريق الهائل الذي تعرض له المبنى التاريخي؛ إذ ليس من المناسب إعادته كما كان عليه بحذافيره وطبق الأصل.
وهي ليست المرة الأولى التي يُثار فيها جدل حول هذا الموضوع، وفي عام 1937 حدث خلاف مماثل حول النوافذ الزجاجية الضخمة ذات النقوش الهندسية، وهل من المناسب الحفاظ عليها أم تغييرها؟ ونشرت صحيفة «لو فيغارو» يومذاك مقالاً وجهت فيه اللوم للمتجادلين البطرانين، في حين أن أزمة اقتصادية تمسك بتلابيب المواطنين، وهتلر يهدد أوروبا كلها.
Share this content: