منذ صغرها اهتمت المؤثرة اللبنانية نور عريضة بالصحة النفسية. أدركت أن سلامتها تنعكس على التفكير والتصرّف. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «إنها توازي سلامة صحتنا العامة. ومعها تصبح حياتنا أجمل وأفضل».

مؤخراً، أطلّت في مسابقة ملكة جمال لبنان لعام 2024، وشاركت في لجنة التحكيم التي تألفت من 8 نساء. وجاء قرارها بإعطاء جميع المتسابقات العلامة نفسها لتقييم نسبة جمالهن في سابقة بحدّ ذاتها. فوضعت علامة كاملة (10 على 10) لكل المتسابقات. لماذا اتخذت قرارها هذا، وما الهدف منه؟ ترد: «كنت أهدف لإيصال رسالة للنساء عامة وللمتسابقات خاصة. أرى أن جميع النساء جميلات، ولكل منهن ما يميّزها عن غيرها. وكانت هذه هي الطريقة الوحيدة لإشعارهن بذلك. فالجمال لا يتألّف من مفهوم واحد ومحدد».

حققت سابقة في مباراة انتخاب ملكة جمال لبنان (نور عريضة)

تقول إنها ملمّة بمعايير الجمال في هذا النوع من المسابقات. ولكن حان الوقت لكسر هذا التقليد الشائع. فأن تكون المرشحة للقب صاحبة قامة طويلة، ونحيفة الجسم، وشعرها الطويل ينسدل على أكتافها أمرٌ يجب تجاوزه. وتتابع: «لنبحث عن تغيير يخرجنا عن المعروف بالـ(ستيريو تايب) (السائد)».

تحتل ابنة نور مساحة لا يُستهان بها من تفكيرها. وتشكّل نقطة الانطلاق لأي حملة أو مبادرة تقوم بها. وتتابع: «من الطبيعي أن تأسر آيلا فكري وأن تشكّل مصدر وحي لي. إنها ابنتي التي أخاف عليها من الانجراف في موجات رائجة. غالباً ما لا يفكر الصغار بصوت عال. وقلت في نفسي عندما ستُتابع الفتيات بعمرها الحفل عبر الشاشة الصغيرة، سيخيّل إليهن أن النساء الجميلات هنّ من ينجحن فقط. فالأولاد يمكن أن يتأثروا بأمور مشابهة، إذا كان الأهل لا يزودونهم بجرعات حبّ كبيرة. وهو ما جعلني أتمسك أكثر بقراري هذا».

على مقاعد الدراسة كانت نور عريضة متفوقة بين زملائها. «كنت أدرس كثيراً، وأحب المواد العلمية والحساب. وبعدها عندما دخلت عالم (السوشيال ميديا) مع زوجي، لاحظت أن ما يدور في فلكه تعمّه السطحية. فأنا بطبعي أفكر بأسلوب أعمق. وكنت أرفض أن يسموني (فاشينيستا)، لأنني أعمل في مجال عرض الأزياء. فوعدت نفسي بأن أتبع أسلوباً آخر يسلّط الضوء على قضايا المرأة عامة. وانطلقت بمشواري أبحث عن رسائل تتضمنها منشوراتي بعيداً عن الأسلوب الدرامي».

739593 سرتُ عكس تزييف «السوشيال ميديا»
تستعد لمشاريع ضخمة عالمية (نور عريضة)

لا تتفرّد نور عريضة بقراراتها، وتركن إلى استشارة فريق عملها دائماً. «أفضّل أن أقف على رأيه فأتشاور معه للوصول إلى نتيجة مقنعة. هناك حملات شاركت فيها أحدثت الفرق الإيجابي عند نساء كثيرات. بعض تلك الحملات انعكست عليّ سلباً فشعرت بالإحباط والكآبة. تركت ثقلها الكبير علي مما دفعني إلى السفر كي أعيش فترة استراحة».

إذا ما تصفحت حسابات نور عريضة الإلكترونية لا بد أن تلاحظ أسلوبها القريب جداً من الناس. فهي تقدّم نفسها بطبيعية من دون فلسفة أو مبالغة. ومرات لا تتوانى عن نشر صورة لها وهي منهكة ومتعبة ومن دون مساحيق تجميل. وتعلّق: «إنني مثل باقي نساء العالم، أتعب ويبدو وجهي شاحباً، وعيناي يحيط بهما السواد. فلماذا علي أن أظهر دائماً بأفضل حالاتي؟ كل شيء في (السوشيال ميديا) مزيّف. كثيرون هم (الإنفلونسرز) الذين يلهثون وراء إبراز صورتهم الحلوة والمثالية. ولكنهم في الحقيقة يعيشون عكسها. من هنا أرى ضرورة تمتعنا بصحة نفسية جيدة كي لا نكذب على أنفسنا».

وأنت تتحدث مع نور عريضة تلفتك بساطتها وعفويتها. فتنسى بأنها من أهم وأشهر المؤثرات في لبنان والعالم. فهناك 11 مليون شخص يتابعون حسابها عبر صفحة «إنستغرام». وملايين آخرون يلحقونها على صفحات «فيسبوك» و«تيك توك». فما سرّها؟ وهل تجاربها الحياتية أدّت إلى تميزها عن غيرها؟

تقول: «هناك محطات كثيرة عشتها في حياتي تركت أثرها الكبير عليّ. وما أستطيع قوله هو إنني محظوظة، كوني عشت وتربيت في كنف عائلة تحكي وتعترف بأخطائها. وعندما ولدت ابنتي آيلا تغيرت كل حياتي، وصارت محورها. فأحيطها باهتمام كبير وأتمنى على باقي الأمهات القيام بالمثل».

تحرص نور على إعطاء العلاقة بين الأجيال حصتها من منشوراتها. غالباً ما تبرز هذه العلاقة في منشورات تصوّرها مع ابنتها. فتنقل عبرها مواقف تحمل رسائل توعوية. ومرات أخرى تجمع فيها إلى جانب ابنتها والدتها. وتقول في سياق حديثها: «أحب العائلة وأسترجع ذكرياتي معها وأنا أتصفّح ألبومات صور من الماضي. أتفرج على جدتي التي تعني لي الكثير. بالنسبة لي علاقة الأجيال تعني الاستمرارية. وأحياناً أخبّئ أغراضاً لي كي أعطيها لابنتي عندما تكبر. وأخبرها دائماً بأهمية العلاقة مع العائلة والاستمرارية. أخاف أن تتأثر بما يدور حولها من أمور سطحية وأخرى غريبة تخرج عن المألوف. مؤخراً قررت وزوجي ألّا نتحدث بأمور العمل أمامها. فهي تحتاج إلى بيئة سليمة تكبر فيها بدل أن تحمل همومنا».

متأثرة جداً بوالدها، ورثت نور عنه الطاقة الإيجابية، ومن والدتها تقول إنها تعلّمت الهدوء وعدم التسرّع. أما جرأتها في تناول موضوعات ساخنة فتصفها بأنها نتاج تجارب عدّة. «إنها تنبع من عدم اكتراثي بما يقوله الآخر. وكذلك من تفادي التبرير والانغماس في المظاهر. زوجي لعب دوراً كبيراً في هذا الموضوع. وحثني على القيام دائماً بما ينسجم مع قناعاتي ومن دون تردد أو خوف».

739595 سرتُ عكس تزييف «السوشيال ميديا»
في مهرجان «بياف» كُرّمت بصفتها مؤثرة عالمية ناجحة (نور عريضة)

وتسأل «الشرق الأوسط» نور عريضة عمّا يعني لها المال، فترد ضاحكة: «قد لا تصدقونني إذا قلت إن هذا الموضوع لا يهمني بتاتاً. دور المال بالنسبة لي يقتصر على تأمين العلاج لي ولعائلتي. فلا أفكر باقتناء السيارات الفارهة ولا الأزياء الغالية، لست مهووسة أبداً بهذه الأمور. المادة لا تعني لي شيئاً، والأهم هو أن أعيش لحظات الجودة عائلياً وصحياً».

من مشاريعها المستقبلية حملة ضخمة تحضّر لها مع وجه شهير في عالم المرأة، «سنُطلقها في الشتاء المقبل وأنا متحمسة جداً لها. وهي أيضاً حملة خاصة بالمرأة. كما لديَّ علامة تجارية سأطلقها قريباً تحمل اسمي. وأنتظر بفارغ الصبر طرحها في الأسواق، لأنها ستُسهم في تغيير المرأة عالمياً. إضافة إلى مشاريع أخرى تدور بين لبنان وأوروبا».

Share this content:

من eshrag

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *