أصبح الفساد في أوكرانيا، بعد مرور أكثر من 30 عاماً على نهاية الحكم السوفياتي، قضية أكثر أهمية مع تقدم كييف بطلب الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، إذ تشكل مكافحة الفساد أحد معايير الاتحاد الأوروبي لفحص ترشيح أوكرانيا التي تلقت عشرات المليارات من اليوروات على شكل مساعدات غربية منذ بداية الحرب مع روسيا.

جندي أوكراني يحمل قذيفة أثناء إطلاق النار على قوات روسية قرب باخموت (رويترز)

وقد أثارت حوادث الفساد في الجيش الأوكراني، بما في ذلك في مجال المشتريات، كثيراً من الفضائح البارزة، وكانت وراء كثير من التغييرات والتعيينات في المناصب العسكرية والسياسية، خصوصاً بعد توجيه الحكومات الغربية الحليفة الانتقادات، مطالبة كييف بالشفافية واتخاذ خطوات لوضع حد «لثقافة الفساد» المستشرية في النظام.

في مطلع أغسطس (آب)، أقال الرئيس فولوديمير زيلينسكي جميع المسؤولين الإقليميين المسؤولين عن التجنيد العسكري، من أجل اجتثاث ممارسات فساد تسمح للمجندين بالتهرب من الخدمة العسكرية.

وكان أوليكسي ريزنيكوف قد أقيل من منصب وزير الدفاع، بعد الكشف عن فساد، في سبتمبر (أيلول) الماضي. ولم يتم اتهامه بشكل شخصي.

وفي هذا السياق، أوقف مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأوكرانية بتهمة اختلاس نحو 36 مليون يورو كانت مخصصة لشراء قذائف مدفعية، حسب ما أعلنت السلطات الجمعة، في وقت تواجه البلاد التي مزقتها الحرب نقصاً في الذخيرة.

464914 فضائح جديدة تغرق مشتريات «الدفاع الأوكرانية» فيما تواجه قواتها نقصاً في الذخيرة
القائد الأعلى للقوات المسلحة الأوكرانية فاليري زالوغني يتحدث مع وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف خلال الاحتفال بيوم استقلال أوكرانيا في 24 أغسطس 2023 (رويترز)

وقال جهاز الأمن الأوكراني ووزارة الدفاع، الجمعة، إنهما اكتشفا مخططاً لشراء قذائف مدفعية عن طريق الاحتيال يتضمن اختلاس ما يعادل نحو 40 مليون دولار. وقال بيان صادر عن جهاز الأمن الأوكراني إن المخطط ركز على عقود شراء قذائف المدفعية.

وتخلت وكالة المشتريات التي أنشأتها وزارة الدفاع في الآونة الأخيرة عن عقد لتأمين القذائف بأسعار أعلى من أسعار السوق، وأبرمت صفقة جديدة تقضي باستبعاد الوسطاء وخفض السعر بشكل كبير.

وأعلن ممثلو الادعاء في كييف إلقاء القبض على موظف في وزارة الدفاع الأوكرانية، بتهمة الاحتيال، للحصول على نحو 40 مليون دولار، فيما يتعلق بشراء ذخيرة مدفعية.

464887 فضائح جديدة تغرق مشتريات «الدفاع الأوكرانية» فيما تواجه قواتها نقصاً في الذخيرة
جنود أوكرانيون على خط المواجهة في زابوروجيا (إ.ب.أ)

وبحسب النيابة العامة، كما نقلت عنها «فرانس برس»، اتهم المسؤول الكبير الذي لم تكشف هويته «بوضع نظام لاختلاس أموال الميزانية أثناء منح عقود عامة» بقيمة 1.5 مليار هريفنا. وتم عزل المسؤول، المشتبه به الرئيسي في القضية، من مهامه، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضده، وتجري المحاولات لاستعادة الأموال.

وتم إيداع أموال بقيمة نحو 1.5 مليار هريفنيا (40 مليون دولار) في حسابات مملوكة للشركات الوسيطة.

وقال ممثلو الادعاء إن المسؤول، في القضية الحالية، تردد أنه أبرم اتفاقاً غير ملائم لشراء ذخائر. وكانت تكاليف الشراء من جهة التصدير، أعلى بنحو 30 في المائة عن تكاليف الشراء المباشر من المصنع. وكانت مدة التسليم أطول أيضاً. وأضافوا أن عملية تفتيش مكاتب المسؤول ومنزله أسفرت عن أدلة تدينه. وما زالت التحقيقات مستمرة. وحال إدانته، يواجه المسؤول عقوبة بالسجن تصل إلى 15 عاماً.

464899 فضائح جديدة تغرق مشتريات «الدفاع الأوكرانية» فيما تواجه قواتها نقصاً في الذخيرة
القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية الجنرال فاليري زالوجني (أ.ب)

وقال بيان لوزارة الدفاع إنه تم الكشف عن المخطط الأسبوع الماضي، وأكدت عملية تدقيق النشاط غير القانوني. وأجريت عمليات تفتيش داخل الوزارة وفي مقرات أخرى.

وأضافت في البيان أن عمليات الاختلاس تتعلق بشراء قذائف مدفعية للقوات المسلحة بأسعار مبالغ فيها. وأشارت إلى «وضع مدير إحدى المصالح الرئيسية لوزارة الدفاع رهن الاحتجاز»، بعدما أتاحت عمليات التفتيش التي أجرتها الأجهزة الأمنية لمنزل المتهم «اكتشاف وثائق تؤكد أنشطة غير قانونية».

وطالت فضائح الفساد المستشري في أوكرانيا كثيراً من المسؤولين في الأشهر الأخيرة، وخاصة داخل الجيش ووزارة الدفاع.

وفُتحت تحقيقات، خصوصاً في توريد ذخيرة وسترات مضادة للرصاص ذات نوعية رديئة وشراء منتجات غذائية وأزياء رسمية للجنود بأسعار مبالغ فيها، وكذلك شراء برمجيات للأمن السيبراني.

وفي هذا السياق، حثّ الرئيس فولوديمير زيلينسكي الدبلوماسيين الأوكرانيين على العمل الجاد خلال الاثني عشر شهراً المقبلة «لكسب التعاطف» مع الجانب الأوكراني في الصراع مع روسيا. وفي اجتماع عقد يوم الجمعة، حدد زيلينسكي أمام الدبلوماسيين الأوكرانيين أهم المهام التي تنتظرهم العام المقبل. وقال مكتب الرئيس في كييف إن هذه المهام تراوحت بين شراء مزيد من الأسلحة لصالح أوكرانيا، وتوثيق العلاقات بين أوكرانيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي وتوفير المساعدة من الخارج لصناعة الأسلحة الأوكرانية.

وأشار الرئيس، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية، إلى أنه عندما يتعلق الأمر بتعزيز التقارب مع حلف شمال الأطلسي فإن الحل «لا ينبغي البحث عنه لدى كبار المسؤولين السياسيين». وقال زيلينسكي: «علينا أن نقنع المجتمعات، تماماً كما جعلناهم يلتفون حول أوكرانيا في بداية الحرب». وأضاف: «نحن في حاجة إلى مزيد من الأسلحة، لأن أحداً لن يستسلم». وقال زيلينسكي إن على الدبلوماسيين الأوكرانيين المساعدة أيضاً في توفير الدعم المالي، والتركيز يجب أن يكون على الأرصدة الروسية المجمدة في الغرب، التي حسب بعض السياسيين الغربيين، ربما يمكن استخدامها في إعادة بناء أوكرانيا التي مزقتها الحرب، موضحاً أنه يعتبر «من العدل استخدام موارد هذه الدولة المعتدية».

Share this content:

من eshrag

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *