البيت الأبيض: تعزيز وسائل الدفاع الجوي لأوكرانيا أولوية… ويحض الكونغرس على تمرير المساعدات
عدَّت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تعزيز وسائل الدفاع الجوي الأوكرانية أولوية في المساعدات العسكرية المستقبلية التي تستعد واشنطن لمنحها لكييف. جاء ذلك في إيجاز صحافي لجون كيربي، منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي في البيت الأبيض، الذي أوضح أن الولايات المتحدة تعد وسائل الدفاع الجوي أولوية على قائمة الأسلحة التي يرغب البيت الأبيض في الحصول على تمويل إضافي لصالحها من الكونغرس.
وأشار كيربي إلى أن الرد الأشد تأثيراً في مواجهة العنف المروّع الذي تمارسه روسيا ضد الشعب الأوكراني، هو مواصلة إمداد كييف بوسائل الدفاع الجوي الضرورية والمعدات العسكرية الأخرى. وأضاف: «للقيام بذلك، نحتاج إلى أن يوافق الكونغرس على طلبنا تمويلاً تكميلياً لأوكرانيا دون تأخير». ولا يزال الجمهوريون في الكونغرس الأميركي يعرقلون الموافقة على تقديم تلك المساعدات، ما لم يجرِ ربطها بإجراء إصلاحات أكثر تشدداً على نظام الهجرة وأمن الحدود مع المكسيك. وهو ما يضع الرئيس بايدن والحزب الديمقراطي في موقف صعب تجاه العلاقة مع الناخبين من أصول لاتينية في هذا العام الانتخابي.
روسيا استخدمت صواريخ كورية شمالية
من جهة أخرى، قال كيربي إن روسيا استخدمت في الآونة الأخيرة صواريخ باليستية قصيرة المدى مصدرها كوريا الشمالية لقصف أوكرانيا، وذلك استناداً إلى معلومات استخبارية رُفعت عنها السرية أخيراً. غير أن الجيش الأوكراني أعلن (الجمعة) أنه غير قادر على تأكيد استخدام روسيا صواريخ وأسلحة كورية شمالية. وقال المتحدث باسم القوة الجوية الأوكرانية، يوري إغنات: «إلى الآن، لا معلومات لدينا عن أنه جرى استخدام صواريخ مماثلة. الولايات المتحدة أدلت ببيان بهذا المعنى. لذا على الخبراء درس الحطام، وبعد ذلك يمكننا أن نقول ما إذا كان ذلك (الاستخدام) واقعاً… لا يمكنني تأكيد ذلك بعد».
في المقابل قال حاكم منطقة خاركيف الأوكرانية أوليه سينيهوبوف، وفقاً لتقارير إعلامية، إن روسيا شنت هجوماً على خاركيف باستخدام صواريخ ليست روسية الصنع. وأضاف سينيهوف: «يجري فحص حطام الصواريخ والتحقق من العلامات الموجودة عليها، وما يمكنني قوله إنها ليست روسية الصنع».
وذكر كيربي أن واشنطن ستثير هذا التطور في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة. وعدّ نقل كوريا الشمالية أسلحة إلى روسيا «تصعيداً كبيراً ومقلقاً»، قائلاً إن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات إضافية على من يسهلون صفقات الأسلحة هذه. وتنفي موسكو وبيونغ يانغ إبرام أي صفقات أسلحة، لكنهما تعهّدتا العام الماضي بتعزيز العلاقات العسكرية.
وقال كيربي: «تشير معلوماتنا إلى أن جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية زوّدت روسيا مؤخراً بقاذفات صواريخ باليستية وعدة صواريخ باليستية». وتابع أنه في 30 ديسمبر (كانون الأول)، «أطلقت القوات الروسية واحداً على الأقل من الصواريخ الباليستية الكورية الشمالية نحو أوكرانيا»، مضيفاً أن الصاروخ سقط فيما يبدو في منطقة مفتوحة. وأضاف كيربي أن روسيا أطلقت يوم الثلاثاء «كثيراً» من الصواريخ الكورية الشمالية في إطار موجة واسعة من القصف الجوي المكثف، وأن واشنطن لا تزال تقيّم تأثير تلك الصواريخ.
وقوبلت مسألة استخدام الصواريخ بتنديد من بريطانيا وكوريا الجنوبية، حيث أدانت الخارجية البريطانية في بيان ما عدّته قرار روسيا استخدام صواريخ باليستية مصدرها كوريا الشمالية في هجماتها على أوكرانيا في الآونة الأخيرة.
وقال بيان المتحدث باسم الوزارة، الخميس: «تدين المملكة المتحدة بشدة قرار روسيا استخدام صواريخ باليستية مصدرها كوريا الشمالية في الهجمات الأخيرة على أوكرانيا». وأضاف: «ستواصل المملكة المتحدة العمل مع شركائها لضمان أن تدفع كوريا الشمالية ثمناً باهظاً لدعمها الحرب غير الشرعية التي تشنها روسيا في أوكرانيا»، حاثّاً كوريا الشمالية على وقف إمدادات الأسلحة إلى روسيا.
كانت سيول قد ذكرت في نوفمبر (تشرين الثاني) أن بيونغ يانغ ربما زوّدت روسيا بصواريخ باليستية قصيرة المدى في إطار صفقة أسلحة أكبر شملت أيضاً صواريخ مضادة للدبابات وأخرى مضادة للطائرات وقذائف مدفعية وبنادق.
وقالت جيني تاون، مديرة «برنامج 38 نورث» التابع لمركز «ستيمسون»، وهو برنامج معنيّ بدراسة كوريا الشمالية: «تماماً مثل المدفعية والذخائر، كل هذا يساعد على إطالة أمد المجهود القتالي الروسي». ولم يذكر البيت الأبيض على وجه التحديد نوع الصواريخ التي أرسلتها بيونغ يانغ إلى روسيا، لكنّ كيربي قال إن مداها يصل إلى نحو 900 كيلومتر، وكشف عن رسم توضيحي يُظهر على ما يبدو صواريخ «كيه.إن 23» و«كيه.إن 25». وقال إنكيت باندا، من مؤسسة «كارنيغي للسلام الدولي» ومقرها الولايات المتحدة، إن هذه صواريخ باليستية جديدة قصيرة المدى تعمل بالوقود الصلب بدأت كوريا الشمالية اختبارها في عام 2019. وأضاف: «هذا هو أول استخدام قتالي معروف لهذه الصواريخ الكورية الشمالية». وقالت الصين، التي تربطها علاقات مع كوريا الشمالية وروسيا، إنها ليست لديها معلومات عن أي تعاون بين موسكو وبيونغ يانغ، فيما دعا المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ون بين، جميع الأطراف إلى الالتزام بتخفيف حدة التوتر وتهيئة الظروف المواتية للتوصل إلى تسوية سياسية للأزمة الأوكرانية.
وشنت روسيا في الآونة الأخيرة بعض أعنف الهجمات على أوكرانيا منذ اندلاع الحرب قبل عامين تقريباً. وذكرت كييف يوم الثلاثاء، أن روسيا أطلقت أكثر من 300 صاروخ وطائرة مُسيّرة هجومية من طُرُز مختلفة على مدن في أنحاء أوكرانيا.
والجمعة، قال سلاح الجو الأوكراني إن أوكرانيا نجحت في إسقاط 21 من أصل 29 طائرة مُسيّرة أطلقتها روسيا في هجومٍ ليلاً، وإن أنظمة متنقلة مضادة للطائرات المُسيّرة أسقطت معظمها. ووفقاً لبيان سلاح الجو الأوكراني، جرى إسقاط الطائرات المُسيّرة في 6 مناطق تمتد عبر جنوب ووسط وغرب أوكرانيا.
صواريخ إيرانية لروسيا
على صعيد آخر، قال مسؤولون أميركيون لصحيفة «وول ستريت جورنال» إن روسيا «تمضي قدماً في خطط شراء صواريخ باليستية قصيرة المدى من إيران»، وهي خطوة تثير «قلقاً عميقاً» داخل الإدارة الأميركية، مع تراجع دعم الكونغرس للمساعدات العسكرية لأوكرانيا، ومن شأنها تعزيز قدراتها على استهداف البنية التحتية الأوكرانية في مرحلة حرجة من الصراع. وقال مسؤول أميركي: «تشعر الولايات المتحدة بالقلق إزاء التطور النشيط للمفاوضات الروسية للحصول على صواريخ باليستية قصيرة المدى من إيران. تقييمنا يشير إلى أن روسيا تعتزم شراء أنظمة صاروخية من إيران».
وأشارت «وول ستريت جورنال» إلى أنه من المحتمل أن يجري تسليم الصواريخ الإيرانية لروسيا «بحلول ربيع هذا العام، لو تمت عملية الشراء»، وهو ما يعتقد المسؤولون الأميركيون أنه أمر «لم يكتمل بعد».
وأوضح المسؤولون أن الصواريخ الإيرانية «ستكون استكمالاً لعمليات الشراء الروسية الأخيرة، إذ بدأت بالفعل في تسلم منصات إطلاق صواريخ باليستية، وعشرات الصواريخ من كوريا الشمالية». وأضافوا أن رغبة موسكو كانت واضحة في الحصول على الصواريخ الإيرانية منذ منتصف الشهر الماضي، حين زار وفد روسي منطقة تدريب إيرانية لمراقبة الصواريخ الباليستية والمعدات المرتبطة بها، خلال عرض للقوة الجوية الفضائية التابعة لـ«الحرس الثوري الإيراني»، ومن بين تلك الصواريخ، صاروخ «أبابيل» قصير المدى.
من جهة ثانية، أكدت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، لأوكرانيا، استمرار دعم مجموعة السبع للدول الصناعية الكبرى لكييف. ووفقاً لما أفادت به وسائل إعلام إيطالية، فقد أعلنت ميلوني، في اتصالٍ مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يوم الخميس، أن العدوان الروسي على أوكرانيا المجاورة سيكون محور رئاسة إيطاليا لمجموعة السبع.
وتتولى إيطاليا رئاسة المجموعة التي تضم أيضاً الولايات المتحدة وألمانيا وكندا وبريطانيا واليابان وفرنسا منذ بداية العام. وشكر زيلينسكي ميلوني على دعمها، بما في ذلك رغبة أوكرانيا في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وأفاد عبر منصة التواصل الاجتماعي «إكس»، أنه قدم أيضاً خلال الاتصال معلومات حول الهجمات الروسية الأخيرة. وقال زيلينسكي: «أنا ممتنٌّ لإيطاليا وشخصياً لجورجيا لاستعدادها لمواصلة تعزيز الدرع الجوية لأوكرانيا». وأضاف: «الدفاع الجوي الإضافي ينقذ الأرواح ويحافظ على الحياة الطبيعية في مدننا».
Share this content: