تطوير نموذج للتعلّم العميق يتنبأ بالفيضانات وتدفقات المجاري المائية

مهرجان أفلام السعودية… آمال كبيرة تتجاوز «شباك التذاكر» و«السينما المستقلة»
على الرغم من قصر تاريخ صناعة الأفلام السعودية مقارنة بالسينما العالمية والعربية، فإن هناك إجماعاً من صنّاع الأفلام على أنها انتقلت سريعاً لمراحل متقدمة، وهو ما أظهرته جلسات مهرجان أفلام السعودية المقام حالياً في مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) في الظهران، حيث خلصت ندوة بعنوان «الأفلام السعودية في شباك التذاكر»، إلى أن ازدهار القطاع السينمائي السعودي مُبشّر بالمزيد، فيما يخص نمو إيرادات شباك التذاكر، وإيجاد دور السينما المستقلة، وخلق قصص سينمائية جديدة. وجمعت الندوة المنتجين فيصل بالطيور وعلاء فادن إلى جانب المخرج عبد الإله القرشي، كما حاورهم المخرج عبد المحسن المطيري، وسط حضور كبير من المهتمين بالقطاع السينمائي.
الأفلام التجارية
وحضرت الجدلية الدائمة ما بين الأفلام التجارية وأفلام المهرجانات، وهنا يستشهد المنتج فيصل بالطيور بالفيلم السعودي «مندوب الليل»، قائلاً: «هذا الفيلم مسك العصا من المنتصف، فهو جمع بين القيمة الفنية العالية وجذبِ عدد كبير من الجمهور»، إلا أنه أشار إلى أن هناك فخاً في هذا الأمر يقع فيه بعض صناع الأفلام الذين يحاولون الجمع بينهما ويفشلون في ذلك، مما يجعلهم يفقدون النجاح الجماهيري والقيمة الفنية في آنٍ واحد.
في حين قال المنتج علاء فادن: «هما ليسا منفصلين، ولا يوجد تصنيف أصح أو أفضل من الآخر، فلو كانت الأفلام ذات قيمة فنية دون بعد تجاري هنا لن تكون لدينا صناعة، وإن كانت ذات صبغة تجارية بحتة من دون مضمون فني فلن تكون لدينا ثقافة، ويتجه المنتجون للتكسب المادي فقط، لكن من منظورنا في (تلفاز 11) فإن الاثنين مهمان».
ويؤكد فادن على أهمية القصة هنا، في كونها أصيلة وتضيف للثقافة السعودية وتجعل العالم يتعرفون عليها بشكل جديد، وكذلك التفكير بالاستدامة من الناحية التجارية، مبيناً أن معظم صناع الأفلام السعوديين يحاولون الوقوف في منتصف هذه المنطقة. وتطرق فادن للنجاح الذي حققه «مندوب الليل»، قائلاً: «هي قصة أصيلة خرجت من السعودية وحاولنا أن نجعلها جاذبة تجارياً للجمهور، وأعتقد أنها تجربة ناجحة أولياً، بحيث أن المبدع لا يتخلى عن فنه، إضافة لكونه يحقق النجاح من الجانب التجاري».
مرحلة التجريب
من ناحيته، رأى المخرج عبد الإله القرشي أن المعايير هنا يتم اكتشافها تدريجياً مع الجمهور، ويتابع: «نحن اليوم نتعلّم من الأفلام السعودية أكثر من أي صناعة أخرى؛ لأن الأخطاء والنجاحات مفيدة لنا، خاصة ونحن حالياً في مرحلة التجريب». ويستشهد القرشي هنا بفيلمه «الهامور»، مبيناً أنه توقع أنه لن يكون جاذباً للنساء بالنظر لجرأته كما يقول، ويتابع: «وجدنا أن نسب النساء كانت الأعلى مقارنة بالرجال، كما كنا نتوقع أن تحقق جدة أعلى الأرقام، إلا أننا وجدنا أن الرياض جاءت أولاً بنسبة 7 بالمائة».
أسعار التذاكر
وبالنظر للقرار الحكومي الذي صدر الشهر الماضي حول تخفيض المقابل المالي لتراخيص مزاولة نشاط التشغيل لدُور السينما الدائمة والمؤقتة، أجمع المتحدثون على انعكاسه القريب على أسعار التذاكر، وهنا يشير علاء فادن إلى أن أفلام شركته المنتجة «سطار» و«مندوب الليل» لاحظوا فيها ارتفاع عدد الحضور عند تخفيض أسعار التذاكر الذي تنتهجه دور السينما تزامناً مع المناسبات الوطنية، وأشار إلى أنه من الجيد تفاعل بعض دور السينما مع القرار الجديد بتخفيض أسعار التذاكر، ويردف: «كان متوسط أسعار التذاكر في عام 2019 نحو 60 ريالاً، لكنه اليوم وصل إلى حدود 40 ريالاً، وهذا شيء جبار».
السينما المستقلة
وشكّل غياب دور السينما المستقلة في السعودية محوراً مهماً لحديث المتحدثين؛ إذ عاد فيصل بالطيور ليؤكد على أهميتها باعتبارها رافداً ثقافياً بالدرجة الأولى، إلا أنها تتطلب الدعم الكبير والتواصل بحسب وصفه، وأردف بالقول: «كل من يهتم بهذه الصناعة يعرف أهمية السينمات المستقلة، ونحن نعمل حالياً على (بيت السينما) في الرياض، ليكون بأكثر من شاشة، لعرض أفلام فازت بالمهرجانات، سواء أفلام قصيرة سعودية أو أفلام طويلة سعودية».
وعلى الرغم من ضعف ثقافة ارتياد السينما في السعودية كما يجمع المتحدثون في الندوة، فإن بالطيور يكشف أن شباك التذاكر السعودي يشكل نحو 45 في المائة من مجمل شباك تذاكر الشرق الأوسط، وهي نسبة جديرة بالتمعّن، في حين أشار بالطيور إلى غياب نجوم شباك التذاكر عن الأفلام السعودية؛ إذ يذهب الجمهور إلى السينما رغبة بمشاهدة أحدث أعمال هذا النجم، إلا أنه رغم ذلك استطاع الفيلم السعودي أن يحقق مبيعات جيدة وينافس على شباك التذاكر.
وعند الحديث عن شباك التذاكر، لا يمكن تجاهل الاكتظاظ الحاصل حالياً في عروض أفلام المهرجان؛ إذ تشهد هذا العام إقبالاً غير مسبوق، مما جعل العديد من الأفلام ممتلئة بالكامل، علاوة على الطوابير الطويلة التي تنتظر دورها لحجز تذكرة دخول الفيلم، وهو أمر أدهش الكثير من ضيوف المهرجان، بالنظر لكثرة العروض التي تبدأ من 1 ظهراً وحتى 9 مساءً، إلا أن الإقبال ظل مرتفعاً بالوتيرة نفسها.
صناديق الدعم
وفي ندوة أخرى شهدها المهرجان، بعنوان «صناديق الدعم»، أجمع ممثلو الجهات الممولة والداعمة في القطاع السينمائي السعودي على الفرص الواعدة في هذا القطاع، وأوضح رئيس قسم السينما في مركز «إثراء» ماجد زهير سمان كيفية الدعم والتمكين والمراحل التي يقدمها برنامج «إثراء» للأفلام، قائلاً: «قطعنا شوطاً في ذلك، وحالياً لدينا مرحلة تطويرية باستشراف للمستقبل حول جودة المحتوى وصناعة الفكرة لصنّاع الأفلام، لذلك كان الدعم الذي يقدمه المركز منذ 2017 دعماً تدريجياً يتناسب مع التقدم الزمني لحراك خريطة السينما المحلية والعالمية أيضاً».
من جانبه، أوضح المدير التنفيذي لإدارة المحافظ في الصندوق الثقافي فارس العسكر، ما يسعى إليه الصندوق في الفترة الحالية عبر تطوير الصناعات الثقافية وصولاً إلى دعم واستثمار وتعزيز مبدأ جودة العمل الإنتاجي لصنّاع الأفلام، سواء قبل مرحلة الإنتاج أو انتهاءً بمرحلة التوزيع، على أن تتميز فكرة الفيلم بمضمون هادف ومحتوى مناسب، لا سيما أن الصندوق يتطلع إلى الجانب الريادي لصناعة الأفلام؛ ليصبح عملاً مستداماً يواكب الوتيرة السينمائية المتسارعة.
جدير بالذكر أن مهرجان أفلام السعودية يواصل برنامجه المكوّن من 90 فعالية متنوعة، إلى يوم الخميس التاسع من مايو (أيار)، حيث يختم المهرجان فعالياته بحفل ضخم لتوزيع 35 جائزة ضمن عدة مسارات، يتنافس عليها حالياً نحو 53 فيلماً في المهرجان الذي يقام بتنظيم جمعية السينما، بالشراكة مع مركز «إثراء»، وبدعم هيئة الأفلام التابعة لوزارة الثقافة.
Share this content: