نريد أن نصنع التاريخ في دوري الأبطال


قائمة ساوثغيت تعكس الثقة في الجيل الجديد بإنجلترا

يجب التأكيد في البداية على أن القائمة التي أعلن عنها المدير الفني للمنتخب الإنجليزي غاريث ساوثغيت ليست قائمة مدير فني يفكر في الاستقالة من منصبه بعد نهاية البطولة.

ويجب الإشارة أيضاً إلى أن ساوثغيت دائماً ما كان يتحلى بالجرأة في بعض القرارات. ويبدو أن أولئك الذين يتهمونه بالحذر والتصميم على ضم لاعبين معينين بغض النظر عن مستواهم نسوا أن هذا هو المدير الفني الذي استبعد جو هارت من التشكيلة الأساسية لمنتخب الأسود الثلاثة ودفع بدلا منه بجوردان بيكفورد في كأس العالم 2018، وهو المدير الفني الذي دفع ببوكايو ساكا البالغ من العمر 19 عاماً أمام ألمانيا في نهائيات كأس الأمم الأوروبية 2020.

ومع ذلك، كان هناك شعور بأن المرحلة الأخيرة من تطور المنتخب الإنجليزي قد اقتربت عندما أعلن ساوثغيت عن قائمته المؤقتة لبطولة كأس الأمم الأوروبية 2024. لقد اختار ساوثغيت عدداً كبيراً من اللاعبين الشباب، وهم آدم وارتون، وكيرتس جونز، وكوبي ماينو، وجراد برانثويت، وجاريل كوانساه، وجيمس ترافورد، وأنتوني جوردون ضمن القائمة المكونة من 33 لاعبا، وهو الأمر الذي ترك الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم يتساءل عما إذا كان ساوثغيت يفكر بشكل كبير في المستقبل.

من المؤكد أن الهدف الأساسي للمنتخب الإنجليزي هو تحقيق الفوز الآن، والهيمنة على كرة القدم الأوروبية، وليس ترك ألمانيا تشعر بالراحة قبل انطلاق بطولة اليورو المقبلة على أراضيها. لقد رأينا من قبل بعض المديرين الفنيين الذين انتهت ولايتهم ومع ذلك اختاروا عددا من اللاعبين الشباب صغار السن لإعدادهم للمستقبل – عرف سفين غوران إريكسون أنه سيرحل عن تدريب المنتخب الإنجليزي لكنه ضم ثيو والكوت البالغ من العمر 17 عاماً في كأس العالم 2006.

لكن من وجهة نظر الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، عندما يكون لديك مدير فني ينتهي عقده في ديسمبر (كانون الأول) ولا تريد أن تخسره، فمن الطبيعي أن ترتفع الآمال عندما يذهب إلى بطولة كبرى دون وجود هذا العدد الكبير من اللاعبين المجربين والموثوقين. في الحقيقة، يبدو التركيز على تطوير اللاعبين الشباب أكثر وضوحاً هذه المرة. وبعيداً عن اللاعبين البارزين الذين تم استبعادهم – مثل ماركوس راشفورد وجوردان هندرسون ورحيم سترلينغ وكالفن فيليبس – فمن الجدير بالملاحظة أن تسعة من أصل 26 لاعباً شاركوا في نهائيات كأس العالم 2022 خرجوا من القائمة هذه المرة.

لاعبا بالاس إيزي (يسار) ووارتون في قائمة المنتخب (رويترز)

وهناك إيريك داير، الذي لم يكن مستواه مع بايرن ميونيخ كافياً لضمه على حساب برانثويت وكوانساه، قلبي الدفاع البالغ عمرهما 21 عاماً ولم يلعبا أي مباراة دولية حتى الآن مع المنتخب الإنجليزي. وهناك قرار بتقييم جونز ووارتون في خط الوسط رغم أنهما لم يلعبا أي مباراة دولية أيضا. كما ضم ساوثغيت كوبي ماينو، لاعب خط الوسط البالغ من العمر 19 عاماً والذي تألق في المباراة الودية التي تعادل فيها المنتخب الإنجليزي مع نظيره البلجيكي في ديسمبر الماضي. كما ضم أيضا اللاعبين المبدعين والمتألقين كول بالمر وإيبيريشي إيزي، إلى جانب غوردون البارع للغاية في المراوغة.

وقال ساوثغيت: «إننا نحاول دائماً إيجاد مساحة للاعبين الصاعدين. أعلم أن الناس يقولون دائماً إن لدينا لاعبين نفضل ضمهم دائماً، لكن الحقيقة هي أن لدينا لاعبين كنا نعلم أنهم الأفضل في مراكزهم وكانوا قادرين على تقديم مستويات عالية، لكن الظروف تتغير. بعد تراجع مستوى كالفين مثلاً هذا الموسم، من هم أفضل لاعبي الوسط في الوقت الحالي؟ إنهم لاعبون شباب لديهم قدرات وفنيات مختلفة، وهو الأمر الذي من شأنه أن يخلق تطوراً في الفريق».

وقلل ساوثغيت من المخاوف بشأن افتقاد عدد كبير من اللاعبين للخبرات اللازمة للمشاركة في مثل هذه البطولات الكبرى. هناك خمسة لاعبين لم يلعبوا أي مباراة دولية، و16 لاعبا فقط من أصل 33 لاعبا في القائمة شاركوا في أكثر من 10 مباريات مع المنتخب الإنجليزي. وقال ساوثغيت عن ذلك: «يتعين علينا أن نختار اللاعبين الذين نعتقد أنهم الأفضل في الوقت الحالي لدفع الفريق إلى الأمام». فهل يعمل ساوثغيت على إعداد الفريق لبطولة كأس العالم 2026؟ قال المدير الفني للمنتخب الإنجليزي عن ذلك: «أستخدم دائماً مقولة أرسين فينغر لي في هذا الصدد: يتعين عليك دائماً إدارة الأمور كما لو كنت ستبقى في مكانك إلى الأبد، لكن مع العلم بأنه قد يتم إقالتك في اليوم التالي مباشرة».

وكانت الرسائل المراد إيصالها محسوبة كما كانت دائماً من جانب ساوثغيت، الذي كان قريباً من الرحيل عن المنتخب الإنجليزي بعد الخسارة من فرنسا في مونديال قطر. إنه لم يحدد موقفه النهائي من البقاء أو الرحيل، لكنه الآن مشغول للغاية ويشعر بالقلق بسبب عدم وجود لاعبين مميزين في مركز محور الارتكاز في المنتخب الإنجليزي، فضلا عن الإصابات التي ضربت عددا من المدافعين. ويُعد لوك شو، الذي لم يلعب أي مباراة منذ فبراير (شباط) الماضي، هو الظهير الأيسر الوحيد في هذه القائمة. وبالتالي، فإن استبعاد بن تشيلويل يعد مغامرة كبيرة. يتوقف الأمر كثيراً على استعادة شو لعافيته في الوقت المناسب؛ لا يبدو ساوثغيت متفائلاً بشأن هذا، ويعلم تماماً أن توازن الفريق سيتأثر إذا اعتمد على كيران تريبيير صاحب القدم اليمنى في مركز الظهير الأيسر.

وحذر ساوثغيت اللاعبين من أن ضمان مكان في القائمة النهائية لن يكون سهلا. يضم خط الهجوم عدداً كبيراً من اللاعبين، لكن يتعين على المنتخب الإنجليزي أن يسعى لتطوير اللاعبين الشباب وتحقيق أقصى استفادة ممكنة منهم. ويهتم ساوثغيت بجونز، الذي كان يقدم موسماً جيداً مع ليفربول قبل أن يتعرض للإصابة. كما أُعجب ساوثغيت كثيراً برشاقة وارتون، الذي كان يلعب في دوري الدرجة الأولى قبل انضمامه إلى كريستال بالاس في فبراير الماضي.

من المرجح أن يكون وارتون من بين اللاعبين السبعة الذين سيتم استبعادهم عند تقليص القائمة إلى 26 لاعباً قبل 8 يونيو (حزيران) المقبل. سيطالب كثيرون ساوثغيت بأن يعتمد على تشكيلة هجومية، من خلال الدفع بكل من بالمر وفيل فودين وساكا وجود بيلينغهام، لكن من المحتمل أن يعتمد ساوثغيت على كونور غالاجر النشيط أو ترينت ألكسندر أرنولد بجوار ديكلان رايس في خط الوسط. وقد يتحول بالمر إلى «جاك غريليش هذا العام»، بمعنى أنه سيظل اللاعب الذي يجلس على مقاعد البدلاء ويطالب الجميع بالدفع به في التشكيلة الأساسية!

وقد ينتهي الأمر بأن نرى المنتخب الإنجليزي يلعب بنفس الطريقة القديمة، وتشتكي الجماهير من وجود عدد كبير جداً من لاعبي خط الوسط المدافعين، ويفشل اللاعبون المصابون في استعادة لياقتهم في الوقت المناسب. وقد يخسر المنتخب الإنجليزي أمام أول فريق جيد يلعب أمامه. ومن الممكن أن يستقيل ساوثغيت من منصبه، سواء في حالة الفوز أو الهزيمة. صحيح أن هذا الفريق به الكثير من نقاط الضعف، لكنه فريق مثير وعصري ويضم عددا من اللاعبين الشباب المميزين الذين يجعلون أي مدير فني يفكر في الاحتمالات المستقبلية!

* خدمة «الغارديان»

Share this content:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى