إسرائيل تخنق مدينة غزة بـ«التجويع»… وتفتح ممراً إلى الجنوب
مع دخول الحرب على قطاع غزة شهرها الثاني، نجحت إسرائيل في شطر قطاع غزة إلى نصفين، شمالي وجنوبي، وساعدها هذا إلى حد كبير في إحكام الحصار على مدينة غزة التي تعدها مركز حكم «حماس»، دون أن تستطيع التقدم إلى داخل المدينة، في مواجهة اشتباكات ضارية مع «كتائب القسام».
وعملت إسرائيل منذ بداية الحرب على غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على إخلاء السكان في شمال القطاع إلى جنوبها، وهو هدف ما زال يشكل أولوية مع التقدم البطيء للقوات تجاه مدينة غزة.
وقال مصدر في الفصائل الفلسطينية في مدينة غزة، لـ«الشرق الأوسط»، إن الجيش الإسرائيلي أطبق حصاره على مدية غزة، ويمنع وصول الماء والغذاء والدواء إلى السكان، في محاولة لإجبارهم على المغادرة.
وأضاف المصدر: «يستخدمون سياسة التجويع في ظل قصف عنيف وغير مسبوق، يطول حزانات مياه وأفراناً ومستشفيات ومصادر طاقة طبيعية، لدفع الناس نحو النزوح، أو ربما يعتقدون أنهم بذلك سيؤلبونهم على المقاومة».
وأكد المصدر أن القوات الإسرائيلية المتوغلة تواجه مقاومة شرسة في كل المحاور، ولا تستطيع التقدم نحو المدينة حتى الآن (منذ يوم الخميس حتى مساء الاثنين).
وأكد الجيش الإسرائيلي، الاثنين، أنه لم يدخل مدينة غزة، ويخوض قتالاً ضارياً هناك، لكنه أطبق حصاره على المدينة، وقتل قائد «كتيبة دير البلح» التابعة لـ«حماس»، وائل أبو عسفة، بتوجيه استخباراتي من جهاز الأمن العام وهيئة الاستخبارات العسكرية.
وقال الجيش، إن أبو عسفة كان قائد «كتيبة دير البلح» في المنطقة الوسطى، وشارك في إرسال قوات النخبة إلى غلاف غزة خلال الهجوم الذي وقع في 7 أكتوبر، وخطط لارتكاب المزيد من العمليات بعد الهجمة.
كما أعلن الجيش، الاثنين، العثور على أكثر من 50 صاروخاً جاهزة للإطلاق على إسرائيل، داخل مجمع في شمال قطاع غزة ومنصات في مرافق تابعة لأحد المساجد، وفق بيانه.
وقال إنه سيطر على قاعدة تابعة لحركة «حماس» في قطاع غزة، بعد أن هاجم 450 هدفاً جوياً خلال الـ24 ساعة الماضية قتل خلالها جمال موسى، الذي كان مسؤولاً عن الأمن الخاص في حركة «حماس».
ووفق بيان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، فإن قاعدة «حماس» التي استولى عليها الجيش «اشتملت على نقاط مراقبة ومجمعات تدريب وأنفاق».
ومن بين الأهداف التي ضربتها القوات الجوية «مجمعات عسكرية ونقاط مراقبة ومواقع مضادة للدبابات… وغيرها». بينما قصفت القوات البحرية «مقر حركة (حماس)، ومواقع إطلاق الصواريخ المضادة للدبابات، ومواقع مراقبة أخرى».
وعلى الرغم من عدم دخول الجيش مدينة غزة، فإن قادته يقولون إنهم يسيرون ضمن الخطة الموضوعة التي تعتمد على التقدم البطيء المدروس.
لكن «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس»، أكدت أنها هي التي تمنع القوات الإسرائيلية من التقدم. وأعلنت أنها «تدك قوات العدو المتوغلة» في أكثر من محور.
وقال أبو عبيدة الناطق باسم «القسام»، يوم الاثنين، إن «مجاهدي (القسام) دمروا في محاور القتال خلال الـ48 ساعة الأخيرة، كلياً أو جزئياً، 27 آلية عسكرية. كما دكّوا القوات المتوغلة بعشرات من قذائف (الهاون)، والتحموا في اشتباكات مباشرة مع قوات العدو، وأوقعوا فيها خسائر محققة».
واعترف الجيش الإسرائيلي بأن عدد قتلاه منذ بداية العملية البرية ارتفع إلى 35.
ومع مواصلة القتال البري، أثارت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، المخاوف من عدم وجود استراتيجية واضحة للخطة البرية. وقالت الصحيفة، إن ثمة «قلقاً في البيت الأبيض ولدى مسؤولين في إدارة بايدن، بشأن افتقار إسرائيل لاستراتيجية خروج من غزة».
وأضافت هآرتس، أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، لديه انطباع بأن الأمر لم يناقش حتى الآن بين أعضاء المجلس الوزاري المصغر في إسرائيل.
ومع عدم وجود استراتيجية واضحة لنهاية الحرب البرية، واصلت إسرائيل قصف مناطق مختلفة في قطاع غزة، وارتكبت مجزرة جديدة في مخيم المغازي مخلّفة الكثير من الضحايا.
وركزت إسرائيل قصفها على المخيمات ومحيط المستشفيات في مدينة غزة ومخابز وخزانات مياه، وقصفت كذلك نظام الألواح الشمسية بمبنى في «مجمع مستشفى الشفاء» في مدينة غزة.
وشهد محيط «الشفاء»، وهو أكبر مستشفى في القطاع، ضربات عنيفة بشكل خاص، خلال يومي الأحد والاثنين.
وتقول إسرائيل إن المستشفى يستضيف قاعدة العمليات الرئيسية لـ«حماس»، التي تستخدم المنشآت الطبية والمدارس والمساجد في قطاع غزة لحماية أنشطتها، وهي اتهامات نفتها «حماس»، وقالت إنها مستعدة لاستضافة أي لجنة تحقيق مستقلة للتأكد من زيف الاتهامات الإسرائيلية.
ومع دخول الحرب شهرها الثاني، ارتفع «عدد الضحايا جراء العدوان الإسرائيلي، إلى 10022 بينهم 4104 أطفال» وفق بيان لوزارة الصحة.
وأكدت الوزارة أن الإصابات وصلت إلى 25 ألفاً، وأن الأطباء ما زالوا مجبرين على إجراء العمليات الجراحية دون تخدير، بمن في ذلك أولئك الذين أصيبوا نتيجة القصف والنساء اللواتي يلدن بعمليات قيصرية.
وذكرت أن هناك 1.5 مليون مواطن نزحوا في غزة داخلياً، أكثر من 70 في المائة من سكان القطاع، حيث يعيش نحو 690400 مواطن في 149 ملجأ طوارئ مخصص لـ«الأونروا».
كما يقيم 121750 مواطناً في المستشفيات والكنائس والمباني العامة الأخرى، ونحو 99150 في 82 مدرسة غير تابعة لـ«الأونروا»، ويقيم النازحون المتبقون الذين يبلغ عددهم 600 ألف شخص مع عائلات مضيفة، حيث انتقل 150 ألف مواطن لمراكز الإيواء في الأيام القليلة الماضية بحثاً عن الطعام والخدمات الأساسية.
ووفق وزارة الصحة فإنه حتى 29 أكتوبر، تم الإبلاغ عن فقدان نحو 1950 مواطناً، بينهم ما لا يقل عن 1050 طفلاً، وقد يكونون محاصرين أو شهداء تحت الأنقاض في انتظار أن يتم انتشالهم.
ومع تكثيف القصف الإسرائيلي على منطقة شمال القطاع، فتح الجيش طريق صلاح الدين من أجل نزوح السكان إلى الجنوب.
وقال الجيش مخاطباً السكان، يوم الاثنين، إنه سيسمح مرة أخرى بالمرور على طريق صلاح الدين بين الساعة العاشرة صباحاً والثانية بعد الظهر.
Share this content: