في الوقت الذي أكدت فيه القاهرة «أهمية تكاتف الجهود الدولية لوقف الحرب في غزة، ومنع توسع تداعياتها إنسانياً وأمنياً»، حذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من «خطورة استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح الفلسطينية، وما يرتبط بها من تفاقم الكارثة الإنسانية التي يعاني منها أهالي القطاع، فضلاً عن انعكاساتها على الأمن الإقليمي».
وأعلن مصدر مصري، السبت، عن عقد «اجتماع مصري – أميركي – إسرائيلي، الأحد، في القاهرة، لبحث إعادة تشغيل معبر رفح، في ظل تمسُّك مصر بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من المنفذ». وتؤكد مصر أنها «منذ بداية الحرب تطالب بوقف إطلاق النار في غزة، والتصدي لتصفية القضية الفلسطينية، وترفض تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم».
وأجرى السيسي مباحثات في القاهرة، السبت، مع زعيم الأقلية الجمهورية باللجنة الفرعية لاعتمادات العمليات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، السيناتور ليندسي غراهام، في حضور وزير الخارجية المصري، سامح شكري، ورئيس المخابرات العامة، اللواء عباس كامل.
جهود الوساطة
ووفق إفادة لمتحدث الرئاسة المصرية، أحمد فهمي، فإن السيناتور غراهام أشاد خلال اللقاء بالدور المحوري والأساسي الذي تقوم به مصر لدعم الأمن والاستقرار في المنطقة، فضلاً عن الشراكة الاستراتيجية التي تجمع مصر والولايات المتحدة، والتي أثبتت الأزمات المتتابعة إقليمياً وعالمياً «أهمية مواصلة الجهود لتعزيزها، كونها من أهم ركائز الاستقرار الإقليمي»، منوهاً بـ«الجهود والوساطة المصرية لاحتواء الموقف في قطاع غزة»، مثمناً الأعباء التي تتحملها مصر لإنفاذ المساعدات الإغاثية.
ومنذ نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، عُقدت جولات مفاوضات غير مباشرة في باريس والقاهرة والدوحة، بشأن التوصل إلى هدنة في غزة تتضمن تبادل الأسرى، لم تسفر حتى الآن عن اتفاق مماثل لهدنة جرت أواخر العام الماضي، وشهدت تبادل عدد من الأسرى.
وأضاف متحدث «الرئاسة المصرية»، السبت، أن غراهام حرص على الاستماع لرؤية الرئيس السيسي حول سبل حل الأزمة في قطاع غزة، حيث أكد السيسي «أهمية تكاتف الجهود الدولية لوقف الحرب، ومنع توسع تداعياتها إنسانياً وأمنياً»، لافتاً إلى «ضرورة انخراط الأطراف كافة بجدية للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، وبما يسمح بالتقدم نحو تطبيق حل الدولتين، كونه المسار الأمثل لضمان العدل والأمن المستدام بالمنطقة».
ويعد معبر رفح الذي احتلت إسرائيل الجانب الفلسطيني منه في 7 مايو (أيار) الماضي، شرياناً اقتصادياً وأمنياً على الحدود بين مصر وقطاع غزة، يُسهل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع وخروج المسافرين والمصابين منه، وكان يخضع لاتفاق 2005 الذي ينص على «إدارة فلسطينية ورقابة أوروبية»، قبل سيطرة حركة «حماس» عليه في عام 2007.
واتفق الرئيس المصري ونظيره الأميركي جو بايدن خلال اتصال هاتفي قبل أيام، على «دفع كميات من المساعدات الإنسانية والوقود، لتسليمها إلى الأمم المتحدة في معبر كرم أبو سالم (الإسرائيلي)، وذلك بصورة مؤقتة، لحين التوصل إلى آلية قانونية لإعادة تشغيل معبر رفح من الجانب الفلسطيني، نظراً للموقف الإنساني الصعب بالقطاع».
جهود مصرية
في غضون ذلك، نقلت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية عما وصفته بـ»مصدر رفيع»، قوله، السبت، إن «مصر أكدت لكل الأطراف موقفها الثابت والقائم على عدم فتح معبر رفح طالما بقيت السيطرة الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني منه». وأضاف المصدر أن «مصر حمّلت الجانب الإسرائيلي مسؤولية النتائج عن هذا الإغلاق وتفاقم الأوضاع الإنسانية بقطاع غزة». كما أوضح أن «هناك جهوداً مصرية مكثفة للعودة إلى مفاوضات الهدنة بقطاع غزة، في ضوء الطرح الأميركي الأخير»، مشيراً إلى «اجتماع ثلاثي في القاهرة، الأحد، لبحث إعادة تشغيل معبر رفح».
ومنذ مطلع الشهر الماضي، تشهد علاقات مصر وإسرائيل توتراً، إثر سيطرة تل أبيب على الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي، ورد القاهرة برفض التنسيق مع إسرائيل بشأن المعبر.
ونقل موقع «أكسيوس» الأميركي، الجمعة، عن 3 مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، لم يكشف عن هويتهم، أن البيت الأبيض «يعمل على ترتيب اجتماع ثلاثي بين مسؤولين من مصر وإسرائيل في القاهرة، لبحث تأمين معبر رفح، وتأمين الحدود بين مصر وقطاع غزة، وبحث إمكانية توصيل المساعدات الإنسانية عبر المعبر». ووفق الموقع سوف تتركز المباحثات على «وضع خطة لإعادة فتح معبر رفح من دون وجود عسكري إسرائيلي على الجانب الفلسطيني، ومناقشة الخطط المصرية لإعادة فتح المعبر بإشراف الأمم المتحدة وممثلين فلسطينيين من غزة غير مرتبطين بـ(حماس)».
وكانت «هيئة البث الإسرائيلية» قد زعمت، مساء الخميس، أن «إسرائيل ومصر قررتا إعادة فتح معبر رفح لإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بعد ضغوط أميركية»، لكن مصدراً مصرياً نفى حينها تلك الأنباء، مؤكداً «تمسك بلاده بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من معبر رفح، شرطاً لاستئناف العمل به».
إنفاذ المساعدات
دعا السيسي خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماع الوزاري العاشر لـ«منتدى التعاون العربي – الصيني»، الخميس الماضي، أطراف المجتمع الدولي الفاعلة للاضطلاع بمسؤولياتها الأخلاقية والقانونية لـ«وقف الحرب الإسرائيلية الغاشمة». وطالب بالعمل دون إبطاء على «الإنفاذ الفوري والمستدام للمساعدات الإنسانية لقطاع غزة لوضع حد لحالة الحصار الإسرائيلية».
ووفق مراقبين، فقد شهدت الأيام الأخيرة سيناريوهات مطروحة لإدارة معبر رفح؛ منها محادثات أميركية مع منظمة أوروبية لتولي الإدارة، وفق ما نقلته مجلة «بوليتيكو» الأميركية عن مسؤول بالبيت الأبيض. كما تحدثت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن أن شركة أمن أميركية خاصة ستتولى الإدارة.
مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن الانسحاب الإسرائيلي من معبر رفح، لن يأتي إلا «تحت ضغط أميركي». وأشار إلى أن «هناك تصورات تطرح في هذا الصدد لإدارة المعبر مستقبلاً».
Share this content:
اكتشاف المزيد من صحيفة باتسر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.