أعلنت السلطات التونسية سقوط 3 قتلى وجريحين خلال أشغال ترميم سور المدينة القديمة لمدينة القيروان التونسية، العاصمة التاريخية الأولى للدولة العربية والإسلامية في تونس وكامل شمال أفريقيا والأندلس، التي انطلق منها الفاتحون نحو أوروبا وأفريقيا جنوب الصحراء.

وقال الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية في القيروان صابر إبراهم في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أن المحكمة فتحت تحقيقاً مبدئياً في ملابسات الحادث وأسباب سقوط قتلى وجرحى، وقررت «التحفظ على المقاول المكلف بإنجاز المشروع والمهندس المكلف بمراقبة الأشغال».

كما ستتابع الأوساط المكلفة بالتحقيق في هذه القضية المعلومات التي قد تكشفها الأبحاث حول الأسباب والملابسات والجهات المسؤولة عن المخالفات التي أدت إلى سقوط نحو 30 متراً من سور طوله ارتفاعه 6 أمتار في منطقة تاريخية رمزية صنفتها المنظمة العالمية للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) جزءاً من التراث العالمي.

حالة استنفار بعد سقوط قتلى وجرحي بسبب انهيار سور تاريخي كبير في القيروان (الصحافة المحلية)

وحسب معلومات قدمها عدد الباحثين السابقين في وزارة الثقافة التي تشرف على تجديد سور القيروان وترميمه، فإن جهات عربية، بينها دولة خليجية، تبرعت بكلفة عملية الترميم بعد اتفاق مع السلطات التونسية والمؤسسات الأممية.

كما تبرعت دولة عربية خليجية أخرى بمبلغ يغطي كلفة تجديد معالم تاريخية كبيرة في القيروان؛ من بينها الجامع الكبير في المدينة، جامع عقبة بن نافع، الذي يستقبل سنوياً مئات الآلاف من الزوار من تونس والعالم أجمع، خصوصاً في ذكرى المولد النبوي الشريف.

وقد سبق لوزارة الثقافة تسمية المهندس الذي تعرض للإيقاف مؤخراً مديراً لتنمية المتاحف التونسية، نتيجة نجاح المشروعات التي أشرف عليها في الأعوام الماضية، وبينها سور مدينة الكاف التاريخية الحدودية بين تونس والجزائر، ومعالم مدن عتيقة تعود إلى عهد القرطاجيين والرومان والفتح العربي الإسلامي.

أسباب مالية وبشرية

لكن وسائل الإعلام التونسية أثارت بمناسبة هذه الحادثة نقاط استفهام حول نجاعة التمادي في تكليف مؤسسات إدارية حكومية ليست لديها موارد مالية وبشرية كافية بالإشراف على مشروعات رمزية وخطيرة في الوقت نفسه، من بينها تجديد الأسوار والحصون والجوامع التاريخية، التي قد يتسبب انهيار جزئي فيها بسقوط قتلى وجرحى وفي خسائر مادية وبشرية مختلفة.

وحسب تصريحات مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، فإن المعهد الوطني للتراث الذي يشرف على أشغال سور رمزي لمدينة القيروان الشهيرة وعلى عشرات المشروعات الأخرى، لم يعد يوظف إلا مهندسين معماريين، رغم مطالبات كثير من كوادره السابقين والحاليين بتدارك هذا الخلل.

وزارة مستقلة

وكان عدد من المسؤولين والخبراء السابقين والمشرفين على قطاع التراث والآثار بتونس، بينهم المؤرخ المختص في التاريخ القديم نبيل قلالة، طالبوا سابقاً بتوحيد مؤسستي الوكالة الوطنية لحماية التراث والمعهد الوطني للتراث، وتمكينهما من موازنة كبيرة لتنجح جهود إحياء المعالم التراثية الكثيرة جداً التي تزخر بها البلاد، والتي أصبح قسم منها مهدداً بالسقوط، مع ما يعنيه ذلك من مخاطر على حياة السكان والعمال وآلاف السياح الذين يزورون تلك المعالم.

كما طالب بعض المؤرخين والسياسيين والأمنيين التونسيين بإحداث وزارة للتراث والمعالم التاريخية تكون مستقلة عن وزارتي الثقافة والسياحة، «بهدف حسن استغلال الثروة التراثية والتاريخية الهائلة في تونس منذ كانت قرطاج عاصمة البحر الأبيض المتوسط قبل ميلاد المسيح وبعده، ثم بعد أن أصبحت القيروان» عاصمة أفريقيا والأندلس العلمية والسياسية والعسكرية «في مراحل الفتوحات والعهد الأموي وأوائل العهد العباسي».

Share this content:

من eshrag

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *