العثور على أجهزة تجسس في مكتب قائد الجيش الأوكراني

تفجّرت فضيحة تجسس مدوية في أوكرانيا، بعد تأكيد القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية فاليري زالوجني أنه تم العثور على جهاز تنصت في أحد مكاتبه. وجاء هذا تزامناً مع هجوم حاد شنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على كييف، قائلاً إنها تحولت إلى «بيدق في يد الغرب»، وكشفه من ناحية أخرى تلقي بلاده عروضاً من بلدان غربية عدة، لفتح حوار مباشر حول الملف الأوكراني.

وقال قائد الجيش الأوكراني الجنرال زالوجني: «سأقول لكم التالي: هذه هي الغرفة التي يجب أن أستخدمها اليوم. بالأمس خلال التفتيش عثروا فيها على جهاز للتنصت على المكالمات الهاتفية». وأوضح لشبكة «آر بي كا أوكرانيا»، أنه يمارس نشاطه عادة في مكاتب عدة، وقد تم العثور على جهاز التنصت في أحد المكاتب الذي لم يعمل فيه منذ فترة طويلة؛ لكنه كان يستعد لعقد اجتماعات فيه.

القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية الجنرال فاليري زالوجني (أ.ب)

وكان جهاز الأمن الأوكراني قد أفاد، الاثنين، بأنه تم العثور على جهاز تنصت في إحدى غرف العمل التي يستخدمها زالوجني. وقالت المخابرات الأوكرانية أنه تم فتح قضية جنائية بهذا الشأن. وذكرت صحيفة «أوكراينسكايا برافدا» أنه تم العثور كذلك على أجهزة تنصت لدى مرؤوسي زالوجني.

ونقلت صحيفة «تسينزور» الأوكرانية، عن مصدر أمني، أنه تم العثور أيضاً على جهاز تنصت في مكتب قسطنطين بوشويف، وهو المساعد الشخصي لزالوجني.

ولمحت وسائل إعلام أوكرانية إلى احتمال أن تكون الرئاسة الأوكرانية وراء زرع أجهزة التنصت لدى كبار قادة الجيش، على خلفية معطيات عن اتساع الخلاف بين زالوجني وزيلينسكي. وأفاد موقع «سترانا رو» الأوكراني بأن تصريحات عدد من المسؤولين الأوكرانيين تدل على «تورط الحكومة» في الفضيحة.

وكتبت النائبة السابقة لوزير الدفاع الأوكراني، آنا ماليار، في صفحتها على تطبيق «تلغرام»: «سأكشف قليلاً تفاصيل العمل في المناصب الحكومية المسؤولة. ليس هناك افتراض للثقة كما هو الحال في الزواج. ولذلك يجب على موظفي المخابرات التأكد من أن المسؤولين لا يسببون ضرراً لأمن الدولة… نعم، توجد هناك فئة من الأشخاص لا يمكنك التواصل معهم إلا بإذن وتعليمات رسمية. والعمل في المناصب العليا هو عمل مسبق تحت المراقبة المستمرة؛ لأن هذا أمر يتعلق بأمن الدولة». وزادت المسؤولة السابقة: «حقيقة أن لدينا تسريبات لمعلومات سرية، على سبيل المثال من المقر الرئيسي، الإجابة ستكون: نعم». وخلصت ماليار إلى أن «الأسرار العسكرية أصبحت علنية في أكثر من مناسبة».

وعُدَّت هذه العبارات إقراراً بأن الأجهزة الأوكرانية تقوم بعمليات تنصت على مسؤولين.

وكانت وسائل إعلام روسية وغربية قد تحدثت في الآونة الأخيرة عن خلاف متزايد بين قائد الجيش والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. ورأى بعضها أن زالوجني الذي يحظى بشعبية كبيرة بين الأوكرانيين، يمكن أن يشكل تهديداً لزيلينسكي إذا قرر بدء نشاط سياسي. ونقل موقع «سترانا رو» عن مصدر في الأوساط السياسية الأوكرانية، أن زيلينسكي يريد إجراء انتخابات في بلاده؛ لكنه لن يعلن عنها حتى الحصول على ضمانات بعدم مشاركة زالوجني.

ووصف الرئيس الأوكراني في مقابلة مع صحيفة «ذي صن» البريطانية، محاولات الجيش للانخراط في السياسة بأنها خطأ كبير، وعدَّت وسائل الإعلام ذلك هجوماً مباشراً على زالوجني، واعترافاً فعلياً بالصراع بينهما.

لافروف

في غضون ذلك، شن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف هجوماً على كييف، قائلاً إنها تحولت إلى «بيدق في يد الغرب». ومع تجديد الاتهامات لواشنطن بأنها تدير «بشكل مباشر» العمليات العسكرية في أوكرانيا، كان لافتاً أن الوزير الروسي كشف عن تلقي بلاده عروضاً من بلدان غربية عدة، لفتح حوار مباشر حول الملف الأوكراني.

واستخدم الوزير عبارات حادة ضد رئيس إدارة الاستخبارات الرئيسية بوزارة الدفاع الأوكرانية كيريل بودانوف، ووصفه بأنه مجرد «بيدق صغير» يتحرك بتعليمات مباشرة من جانب الأجهزة الأميركية. وقال إن خط الاتصال الدائم «مفتوح بشكل متواصل بين رئيس المخابرات الأوكرانية وقوات العمليات الخاصة الأميركية». وزاد بأن «بودانوف لم يخفِ ذلك على الإطلاق؛ بل اعترف علناً بأنه يعمل مع الأجهزة الأميركية».

وأضاف لافروف أنه تم إنشاء وحدات خاصة تحت قيادة القوات المسلحة الأوكرانية، للتنسيق الوثيق مع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية والاستخبارات البريطانية، ملاحظاً أن «كل هذا يُظهِر بالطبع أن أوكرانيا دولة لا تتمتع بالسيادة، وأنه يتم التلاعب بها واستخدامها».

«إشارات للحوار»

وجدد الوزير الروسي الحديث عن أن «الولايات المتحدة توجه الحرب ضد روسيا في أوكرانيا بشكل مباشر»، ودعا حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي إلى إدراك أن «الصراع الذي أطلقوه ضد روسيا بأيدي نظام زيلينسكي وصل إلى مرحلة الجمود الكامل». وقال لافروف إن بعض زعماء الدول الغربية «يرسلون لموسكو إشارات للحوار بشأن أوكرانيا».

وكان قد كشف عن هذا الموضوع قبل يومين، وأوضح: «لا أريد وليس لي الحق في ذكر أسماء؛ لكن عدداً من القادة رفيعي المستوى، من الدول الغربية، بمن فيهم زعيم غربي محدد، أرسلوا عدة مرات إشارات من خلال 3 قنوات مختلفة، وقالوا لنا: لماذا لا نلتقي ونتحدث عما يجب فعله بأوكرانيا والأمن الأوروبي؟».

ودعا لافروف الغرب إلى إدراك «الطريق المسدودة للحرب التي أطلقوا لها العنان في أوكرانيا»، وقال: «نسمع الآن تقييمات من بعض السياسيين الواعين في حلف (الناتو)… وأن تأتي متأخراً أفضل من ألا تأتي أبداً».

في الوقت نفسه، أشار لافروف إلى أن أولئك الذين «يربطون الاتصالات المستقبلية مع روسيا بضرورة انتصار النظام النازي على روسيا، لا يفهمون شيئاً عن السياسة، ولا يفهمون شيئاً عن التوازن الحقيقي للقوى».

في السياق ذاته، نقلت وسائل إعلام روسية أن خبراء أميركيين باتوا يتحدثون بلغة أوضح، عن ضرورة فتح حوار مع موسكو. ونشرت وكالة «نوفوستي» الحكومية مقاطع من مقابلة لخبير أميركي على «يوتيوب» قال فيها إن ثمة «فرصاً لبدء المفاوضات بين روسيا وواشنطن حول أوكرانيا».

وأفاد البروفسور في جامعة بيتسبرغ، دانييل كوفاليك، بأن «الولايات المتحدة تنوي بدء مفاوضات مع روسيا، بسبب غياب أي فرص لانتصار أوكرانيا في ساحة المعركة». وأعرب عن قناعة بأن «واشنطن قلقة من أن العسكريين الأوكرانيين منتشرون في جميع أنحاء العالم»؛ مشيراً إلى أنه «بالإضافة إلى ذلك، تريد الولايات المتحدة الجلوس إلى طاولة المفاوضات بسبب الهزيمة المحتملة لكييف في الصراع».

Share this content:

من eshrag

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *