«كأس آسيا 1960»: هيمنة كورية… وشغب جماهيري بسبب «إسرائيل»

بدا الأمر للكوريين كأنه بمثابة خبرة تراكمت لدى منتخب بلادهم بعد تحقيق أول لقب في كأس آسيا 1956، التي استضافتها هونغ كونغ، لتنجح كوريا الجنوبية باستضافة النسخة الثانية للبطولة القارية في عام 1960 وتحقيق ثاني الألقاب على التوالي.

استمر التقشف العددي للمنتخبات المشاركة في البطولة بنسختها الثانية، أربعة منتخبات شاركت منها ثلاثة استمرت، وهي كوريا الجنوبية وإسرائيل وفيتنام، في حين غادرت هونغ كونغ وحل منتخب الصين تايبيه بديلاً عنها.

ملعب واحد احتضن مباريات البطولة، نظام قديم في تفاصيل التنظيم، التنافس من خلال مجموعة واحدة والأكثر نقاطاً يتوج باللقب، ثمانون دقيقة كوقتٍ أصلي للمواجهة، يتم منح نقطتين لكل فريق فائز، ونقطة للتعادل.

وبعد أن حقق منتخب كوريا لقب البطولة الأولى دون أي خسارة، لكنه تعادل في مباراة، عاد في النسخة التي استضافتها بلاده لتحقيق اللقب دون أي خسارة، إذ حقق المنتخب الفوز في جميع المباريات الثلاثة ليحصد ست نقاط ويتصدر بفارق نقطتين عن الوصيف منتخب إسرائيل.

استعدت كوريا الجنوبية للبطولة ببناء ملعب جديد هو استاد هيوتشانغ في العاصمة الكورية سيول؛ إذ استضاف جميع أحداث البطولة ومبارياتها وسط حضور جماهيري.

استهل صاحب الأرض مشواره في البطولة بفوز عريض أمام فيتنام بخماسية مقابل هدف، قبل أن يخوض مواجهة صعبة أمام منتخب إسرائيل في الجولة الثانية ويكسب اللقاء بثلاثية نظيفة في مواجهة توقفت كثيراً بسبب أحداث شغب الجماهير التي حاصرت الملعب بأعداد كبيرة، قبل أن تقوم مجموعة باقتحام الملعب الذي خلف الكثير من الإصابات وساهم بإيقاف اللعب لدقائق متكررة.

نجح منتخب إسرائيل بعدها في إطلاق رحلة فوزه وتجاوز خسارته الأولى، وحقق الانتصار أمام منتخب فيتنام الجنوبية بنتيجة كبيرة قوامها خمسة أهداف لهدف، قبل أن يمضي بخطى ثابتة ويتجاوز منتخب الصين تايبيه بهدف وحيد دون رد؛ الأمر الذي شكّل ضغطاً كبيراً على صاحب الأرض وبات مطالباً بالخروج بنتيجة إيجابية في الجولة الأخيرة أمام ذات المنتخب.

كان اللقاء الأخير يجمع بين صاحب الأرض منتخب كوريا الجنوبية ونظيره منتخب الصين تايبيه، وهو لقاء يحتاج معه الكوريين حينها إلى تحقيق الفوز أو التعادل من أجل الظفر باللقب عقب تعادل منتخب إسرائيل معه نقطياً.

نزل منتخب كوريا الجنوبية إلى أرض الملعب، أمام حشد كبير كان تحت أنظار وأعين الشرطة المسلحة تفادياً لوجود أي حالات شغب كما حدث في مواجهة كوريا الجنوبية وإسرائيل في تلك المواجهة المتوترة.

بدأت المواجهة متوترة، واكتفى منتخب الشمشون الكوري بهدف وحيد سجله مون جونغ سيك في الدقيقة الـ54 ليضمن لمنتخب بلاده معانقة الإنجاز وتحقيق اللقب وإعلان هيمنة كوريا الجنوبية على بطولات الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.

احتفل الكوريون بلقبهم الثاني، وكان لمعانقة الإنجاز على أرضهم وبين جماهيرهم مذاق مختلف ورائع، لكن اللافت والمثير أن الميداليات الذهبية التي توج بها لاعبو منتخب كوريا الجنوبية اكتُشف بعد سنوات طويلة أنها مزيفة وليست ميدالية ذهبية خالصة، بل هي ميدالية مزيفة من ذهب رخيص.

لم يكن الاكتشاف حينها، أو في تلك اللحظة، بل احتفل الجميع بميدالياتهم وطوى التاريخ تلك الصفحة، لكن الاتحاد الكوري الجنوبي لكرة القدم أعلن بعد سنوات من الصمت أن تلك الميداليات كانت مزيفة.

مضت سنوات طويلة على تلك الحادثة، ويعتقد الكوريون أن لعنة تلك الميداليات المزيفة طاردت منتخب بلادهم وأبعدته عن تحقيق اللقب منذ ذلك العام الذي شهد آخر تتويج لكوريا الجنوبية في كأس آسيا للمنتخبات.

في 2014 بدأ الاتحاد الكوري البحث عن لاعبي ذلك الجيل الذي حقق ذهب عام 1960 لمنحهم ميداليات ذهبية بديلة للمزيفة، غادر كثير من اللاعبين الحياة، ولكنهم عثروا على أبنائهم وقدموا لهم الميدالية البديلة.

يقول بارك كيونغ هوا، أحد اللاعبين الذي حققوا لقب تلك النسخة: لقد كانت مغطاة بالذهب الرخيص، تم تقشير الطلاء بعد فترة وجيزة بسهولة.

لقد أعاد كثير من اللاعبين ميدالياتهم إلى الاتحاد الكوري الذي ظل في تحقيق طويل عن الحادثة ولم يتخذ أي خطوة تذكر إلا بعد 54 عاماً حينما قرر البحث عن أفراد المنتخب ومنحهم ميداليات بديلة.

ميداليات المنتخب الكوري التي اكتُشف لاحقاً أنها مزيفة (الشرق الأوسط)

في 2014 عثر الاتحاد الكوري على ثلاثة لاعبين على قيد الحياة، وهم بارك ولي إيون، وسونغ كيم، وسون هوي، وأفراد من عائلات بعض اللاعبين الراحلين أو حتى أبناء وبناتهم.

يقول تشو جون هيون، ابن هداف كأس آسيا 1960 تشو يوم أوك، في حديث نشره موقع «فيفا»: «لم يخبرني والدي مطلقاً عن الميدالية الذهبية، علمت بالحادثة في 2014 عندما بدأ الاتحاد الكوري توزيع الميداليات الذهبية من جديد».

وأضاف: «كوني ابنه فإن الحصول على الميدالية الذهبية له معنى كبير».

وقالت كيم هوا سون، ابنة النجم كيم هونغ بوك: «لم أسمع عن حادثة الميدالية المزيفة، والدي كان شخصاً هادئاً في المنزل»، وختمت: «على الرغم من أنه لم يتحدث عن ذلك، فإنني متأكدة من شعوره بالحزن في ذلك الوقت».

Share this content:

من eshrag

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *