«الإسكندراني» دراما شعبية تتناول صراع «القِيم والمادة»

في أجواء شعبية تغلفها رائحة بحر الإسكندرية وشوارعها ومقاهيها، تدور أحداث فيلم «الإسكندراني»، الذي كتبه المؤلف أسامة أنور عكاشة، وتحمس لبطولته كبار نجوم عصره، من بينهم نور الشريف وأحمد زكي ومحمود عبد العزيز، كما تسابق عليه مخرجون بارزون في مقدمتهم عاطف الطيب، لكن الفيلم الذي يظهر للنور أخيراً بعد 13 عاماً من وفاة مؤلفه، يحمل توقيع المخرج خالد يوسف الذي يقدم من خلاله الفنان أحمد العوضي بطلاً سينمائياً لأول مرة، بمشاركة زينة وبيومي فؤاد ومحمود حافظ وعصام السقا، كما يطل من خلاله الفنانان حسين فهمي وصلاح عبد الله في ظهور خاص.

يبدو الفيلم في ظاهره صراع بين جيلين، الأب علي الإسكندراني (بيومي فؤاد)، وابنه الوحيد بكر الإسكندراني (أحمد العوضي)، الذي يتمرد على العمل مع أبيه في الوكالة الشعبية ويسافر عشر سنوات لأوروبا – «صورت بعض مشاهده في إيطاليا» – يعود الابن وقد أصبح ثرياً وقوياً، ويتواصل الصدام بين الأب والابن، ويتحول إلى صراع بين القيم والمادة، حين يقرر الابن أن يشتري كل شيء، من المحال إلى البيوت والناس، فيسخر منه الأب قائلاً: «إوعى تكون اشتريت المرسي أبو العباس».

«شلة الأصالة»، يمثلها الأب وأصدقاؤه، حسين فهمي (يورغن) عاشق الإسكندرية الذي يرفض أن يقال له خواجة ويبقي فيها وابنته، وصلاح عبد الله (الحاج مرسي)، ومحمد رضوان (جابر) الذين تجمعهم بالأب صداقة وجيرة، وتؤدي زينة شخصية (قمر)، التي ترتبط بقصة حب مع (بكر) لكنه يسافر دون أن تعلم عنه شيئاً فتتزوج من ابن عمه (محمود عبد الحافظ)، الذي تكشف الأحداث أنه مارس خداعه على الجميع، تتعدد الحكايات داخل دراما الفيلم وتتشابك حاملة نهايات مفجعة.

ويقدم المخرج صورة بصرية مميزة، حيث تستعرض كاميرا مدير التصوير سامح سليم البحر باتساعه، والميناء والبشر، وينجح خالد يوسف في حشد المجاميع الكبيرة في مشاهد خارجية عديدة أتقن التعامل معها وأضفت حالة من الحيوية على الفيلم.

وأقيم العرض الخاص للفيلم بحضور المخرج خالد يوسف وأبطال العمل أحمد العوضي وزينة وعصام السقا ومحمود حافظ كما شاركهم الاحتفال به الفنانة نبيلة عبيد والمخرج محمد فاضل وزوجته الفنانة فردوس عبد الحميد وعدد كبير من صناع الأفلام، وبعض أفراد أسرة المؤلف الراحل أسامة أنور عكاشة.

وعبرت ابنته الإعلامية نسرين عكاشة عن فرحتها بظهور الفيلم للنور أخيراً، وقالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «بقدر قلقي من الفيلم، فإنني سعيدة للغاية بمشاهدته، فقد كان أبي يهتم بهذا العمل كثيراً، فقد وضع به خلاصة فكره وعشقه للإسكندرية، وفي كل مرة يشرع في تحضيره يحدث ما يعطله كظروف إنتاج أو غيرها، وأذكر أن شخصية (علي الإسكندراني) التي أداها الفنان بيومي فؤاد رُشح لها نجوم كبار، من بينهم الفنان عمر الشريف».

وأضافت نسرين عكاشة أن «بيومي فؤاد في أجمل حالاته كممثل، وهو يقدم شخصية البطل الحقيقي للفيلم الذي يعكس رؤية والدها للشخصية السكندرية المحملة بقيم الأصالة والشجاعة»، مؤكدة أن «المخرج خالد يوسف أدرك قيمة الفيلم وتحمس له وحافظ على روح العمل».

ويقدم أحمد العوضي مشاهد الحركة والأكشن بإجادة، ويخوض مباريات الملاكمة في مشاهد أوروبا، وتلعب موسيقى يحيى الموجي والأغاني الشعبية للملحن عصام كاريكا وصوت المطرب عدوية دوراً مؤثراً في التعليق على أحداث الفيلم.

وعَدت الناقدة مروة أبو عيش فيلم «الإسكندراني» تجربة مختلفة في مشوار المخرج خالد يوسف مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أنه جاء مغايراً عن أفلام المخرج السابقة، مشيدة بمشاهد الأكشن التي قدمها أحمد العوضي، التي ترى أنها لم تكن دخيلة على أحداث الفيلم الذي يخاطب جمهوراً أغلبه من الشباب، وقد أداها العوضي باحترافية لافتة، وفي إطار قصة متماسكة تحمل رسائل عديدة تؤكد على أهمية التمسك بالقيم والأصالة.

وتشيد مروة أبو عيش بـ«أداء بيومي فؤاد في دور لا علاقة له بالكوميديا حيث قدمه بإحساس عال جداً»، حسب وصفها، كما تلفت إلى بطء إيقاع الفيلم في النصف الثاني من أحداثه، لكنها تؤكد قدرته على المنافسة في شباك التذاكر كفيلم دراما وأكشن تميزت كثير من عناصره الفنية.