حذّرت السلطات في العاصمة الليبية من «تداعيات خطرة» قد تواجهها البلاد بعد إغلاق حقليَن نفطيَّين بالجنوب، على خلفية شكاوى مواطنين هناك من «ضعف الخدمات الحكومية، وشح الوقود والغاز في مناطقهم، والانتظار لساعات طويلة قبالة محطات الوقود».

وتقع المنشآت النفطية في عموم ليبيا رهينة قبضة بعض المحتجين، الذين يطالبون السلطات من حين لآخر بمطالب، بعضها فئوية، تتمثل في زيادة الاستحقاقات المالية، أو الرعاية الطبية لهم ولأسرهم، وذلك بتعمدهم تعطيل العمل في بعض المنشآت النفطية.

وقد أغلق محتجون من الجنوب الليبي حقل «الشرارة»، بعد انتهاء مهلة الاستجابة لمطالبهم، محمّلين المؤسسة الوطنية للنفط و«الحكومات» المسؤولية الكاملة في حال عدم تحقيق مطالبهم، مما أعاد ثانية النفط الليبي مجدداً إلى «دائرة الصراع».

حقل «الشرارة» النفطي بجنوب ليبيا (الاتحاد العام لعمال النفط والغاز)

وقال سالم الرميح، رئيس نقابة عمال النفط، «إن حقلَي (الشرارة) و(الفيل) توقفا تماماً عن إنتاج النفط»، مؤكداً: «شرعية مطالب أهالي الجنوب، لكن لا يجب وقف ضخ النفط».

من جهتها، أبدت وزارة النفط والغاز التابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، قلقها الشديد حيال إغلاق بعض الحقول النفطية. وقالت إنه «من خلال دورها السيادي والإشرافي على قطاع النفط، فإن المسؤولية تحتم عليها توضيح تداعيات هذا الإغلاق».

ورأت في تصريح صحافي بثّته مساء أمس (الأربعاء) أنه «أخذاً من سوابق إغلاق الحقول والموانئ النفطية في ليبيا، فإن عواقب وتبعات ذلك كانت جسيمة على ليبيا».

وعدّدت جوانب من هذه المخاطر، بينها «احتمال العودة لإعلان (القوة القاهرة)، ما يجعل الشركاء مضطرين للبحث عن بديل آخر غير ليبيا»، مبرزة أن الإغلاق «يمثل خطراً على سوق النفط الليبية؛ لأن فقدان الثقة في ديمومة تزويد السوق العالمية بالنفط الليبي، ينتج عنه أن يبقى النفط الليبي دون تسويق، أو يقل الطلب عليه».

479784 النفط الليبي يعود مجدداً إلى «دائرة الصراع»... ومخاوف من «القوة القاهرة»
الدبيبة يترأس اجتماع المجلس الأعلى لشؤون الطاقة والمياه بطرابلس (حكومة «الوحدة»)

كما تخوّفت الوزارة من «احتمال فقدان المستوردين للنفط الليبي بشكل نهائي، إذا ما استشعروا عدم قدرتنا على الإيفاء بالعقود والاتفاقات»، لافتة إلى «تأثر الدول المشارِكة مع ليبيا في الإنتاج مقابل حصص، بهذا الإيقاف وسيكون مزعجاً لها».

كما حذّرت من «عجز توفير الغاز والنفط الخام لبعض محطات توليد الكهرباء في ليبيا، وهو ما يعني الرجوع للأزمات الخانقة؛ بسبب انقطاع التيار وطرح الأحمال».

وانتهت وزارة النفط إلى دعوة الأطراف كافة الضالعة في إغلاق الحقلين إلى «تحكيم العقل، وتحييد عمليات إنتاج وتصدير النفط والغاز عن أي خلافات أو موضوعات وقضايا خاصة»، مؤكدة «موقفها الثابت لدعم المطالبة بالحقوق، ورفع الظلم والجور والتعسف».

ونصب المحتجون خياماً داخل حقل «الشرارة»، متوعدين بالاستمرار في اعتصامهم حتى تنفيذ مطالبهم جميعها، التي أخفقت الحكومات المتعاقبة في حلها. واشتكى المحتجون قُبيل إقدامهم على غلق «الشرارة» من تعرض مدن الجنوب لـ«الإهمال والتهميش»، وعدم توفير الوقود ومشتقاته، و«تجاهل تفعيل قرار إنشاء مصفاة بالجنوب». كما نقلت وسائل إعلام محلية عن سالم بوخزام، المتحدث باسم قبيلة الحساونة، أن «اصطفاف السيارات أمام محطات الوقود في المنطقة الجنوبية منظر شائن وخطر في دولة نفطية، وسبب رئيسي في إغلاق حقل (الشرارة)».

479782 النفط الليبي يعود مجدداً إلى «دائرة الصراع»... ومخاوف من «القوة القاهرة»
الدبيبة يتوسط سفراء الدول العربية والأفريقية والإسلامية المعتمدين لدى ليبيا (حكومة «الوحدة»)

وسبق أن أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا «القوة القاهرة» غير مرة لأسباب «سياسية»، على خلفية الانقسام الحكومي؛ ما تسبب في خسائر كبيرة للبلاد.

وكان الدبيبة قد حضر مساء أمس (الأربعاء) اجتماعاً عقده المجلس الأعلى لشؤون الطاقة والمياه، بمشاركة الصديق الكبير محافظ مصرف ليبيا المركزي، ورئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك. ونقل مكتب الدبيبة تأكيده «ضرورة مناقشة اتفاقية التطوير للاكتشافات النفطية والغازية، والوقوف على الملاحظات كافة»، عادّاً كل الجهات الرقابية والتنفيذية والمهتمين من الخبراء طرفاً أول يمثلون الدولة الليبية للحفاظ على حقوقها، والعمل على زيادة الإنتاج من النفط والغاز من خلال الاستكشافات الجديدة.

ويأتي حديث الدبيبة على خلفية اتهامات وجهها مجلسا النواب و«الأعلى للدولة» لحكومته بإبرام صفقة نفطية «مشبوهة» مع ائتلاف دولي لتطوير حقل «الحمادة».

في شأن مختلف، أعرب الدبيبة عن سعادته بعودة السفارات للعمل من داخل طرابلس. وقال إن هذه الخطوة «تسهم في التكامل والتعاون مع الدول كافة من خلال تفعيل عمل السفارات، وتواصلها بشكل مباشر مع المؤسسات الليبية المختلفة لتطوير العلاقات الثنائية».

والتقى الدبيبة 28 سفيراً معتمدين لدى ليبيا خلال لقاء مساء أمس (الأربعاء)؛ من بينهم سفراء السعودية والإمارات والعراق والسودان، متحدثاً عن رؤية حكومته السياسية، التي قال إنها تدعم جهود المبعوث الأممي عبد الله باتيلي لإجراء انتخابات «نزيهة، وفق قوانين عادلة ونزيهة».

وناقش الاجتماع عدداً من القضايا المتعلقة بمنح التأشيرات، وفتح وجهات الطيران أمام البلدان العربية والإسلامية، وضرورة مساهمة السفارات في تذليل أي صعوبات تواجه هذه الملفات الخدمية.

في شأن مختلف، وزّعت حكومة أسامة حماد، المكلفة من مجلس النواب، صكوك تعويضات على المتضررين من الفيضانات الناجمة عن إعصار «دانيال» بمدينة درنة. وشهد المسرح الوطني بمدينة درنة تسليم 500 صك لـ500 عائلة متضررة، في حين أوضح وكيل عام وزارة الحكم المحلي، رئيس لجنة الحصر والتعويضات أبو بكر الزوي، أن عملية توزيع الصكوك ستُستأنف أيضاً (الخميس) بتوزيع كمية مماثلة، مؤكداً أن عملية التسليم مستمرة إلى حين الانتهاء من العائلات كافة.

Share this content:

من eshrag

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *