مع احتدام القتال… اليأس يخيم على غزة

كثفت إسرائيل الضربات على جنوب ووسط قطاع غزة، الأربعاء، رغم تعهدها بسحب بعض قواتها والتحول إلى حملة أكثر استهدافاً ومناشدة من حليفتها واشنطن بتقليل عدد الضحايا من المدنيين، بحسب تقرير أعدته «رويترز».

وقالت إسرائيل، هذا الأسبوع، إنها تعتزم بدء سحب قواتها من شمال غزة على الأقل، وذلك بعد ضغوط أميركية استمرت أسابيع لتقليص عملياتها، وضرورة التحول إلى ما تقول واشنطن إنه يجب أن يكون حملة أكثر استهدافاً.

لكن يبدو أن القتال لا يزال محتدماً، خاصة في جنوب ووسط القطاع الذي اجتاحته القوات الإسرائيلية الشهر الماضي.

وفي رفح، على الطرف الجنوبي من القطاع، انتحب أقارب أمام جثث 15 فرداً من عائلة نوفل كانت ترقد في مشرحة مستشفى صباح الأربعاء، بعد أن دمرت ضربة جوية إسرائيلية منزلهم الليلة الماضية.

وكان معظم القتلى من الأطفال. وفتح رجل جزءاً من أحد الأكفان وداعب وجه طفل صغير بيده. وقام أقارب رجل آخر بإمساكه برفق وهو ينتحب عند أقدام الجثث.

وصول جرحى فلسطينيين إلى مستشفى الشفاء بعد غارات جوية إسرائيلية على مدينة غزة وسط قطاع (أ.ب)

وفي موقع الهجوم الذي أحدث حفرة كبيرة في أرضية أحد المباني، تسلق الجيران الأنقاض حيث تناثرت حشايا ملطخة بالدماء وألعاب أطفال مكسورة.

وقالت أم أيمن النجار، التي قُتلت ابنتها وابنة أختها وسط الحطام: «صحينا لقينا حالنا محاصرين بالأنقاض على روسنا، قصف ورا قصف، مش عارفة كيف طلعنا وإحنا بندعس على كل شي والدم بينزل منا».

وقتلت إسرائيل أكثر من 23 ألف فلسطيني في غزة منذ أن شنت حملة للقضاء على «حماس» التي أسفر هجومها على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عن مقتل 1200 إسرائيلي واقتياد 240 رهينة إلى غزة.

وتوجه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى رام الله، الأربعاء، خلال جولته الرابعة بالمنطقة منذ بدء الحرب، والتقى بقادة فلسطينيين من بينهم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في الضفة الغربية المحتلة.

والتقى بلينكن أيضاً بقادة إسرائيليين، وزار دولاً عربية مجاورة؛ بحثاً عن تسوية مستقبلية بشأن قطاع غزة الذي دمره القصف الإسرائيلي وتسبب في تعرض سكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة لأزمة إنسانية.

وتريد واشنطن أن تمنح إسرائيل السلطة الفلسطينية، التي تتخذ من رام الله مقراً لها، دوراً مستقبلياً في حكم غزة، لكن إسرائيل، التي تقول إنها تريد السيطرة على أمن غزة إلى أجل غير مسمى، مترددة في ذلك.

487817 إسرائيل تناقش مقترحاً قطرياً لإنهاء الحرب مقابل خروج قادة «حماس»
رضيعة نجت من القصف الإسرائيلي يحملها والدها بجوار جثث أقاربهم الذين قتلوا (رويترز)

وقال بلينكن، الثلاثاء، إن على إسرائيل أن تتخذ «خيارات صعبة»، وأن تحافظ على آمال إقامة دولة فلسطينية مستقلة إذا أرادت تطبيع العلاقات مع الجيران العرب.

وقال في تل أبيب، أمس: «يجب أن تكون إسرائيل شريكة للزعماء الفلسطينيين الراغبين في قيادة شعبهم للعيش جنباً إلى جنب في سلام مع إسرائيل كجيران».

«زي الكلام المكتوب بالزبدة»

رغم تأكيد إسرائيل العلني منذ بداية العام الجديد أنها ستقلص الحرب، يقول سكان غزة إنهم لم يروا منها أي تراجع ولا يزال محظوراً عليهم العودة إلى شمال القطاع، كما أصبح جنوب غزة منطقة حرب شاملة في الأسابيع القليلة الماضية. واضطر كل السكان تقريباً للنزوح عن منازلهم، ونزح العديد منهم عدة مرات مع تقدم القوات الإسرائيلية.

وقالت أم أحمد، وهي أم لخمسة أطفال من مدينة غزة وتعيش الآن في خيمة برفح، إن سكان غزة كانوا يأملون أن تسفر زيارة بلينكن عن السماح لهم بالعودة إلى ديارهم.

وأضافت: «زي الكلام المكتوب بالزبدة، على طول بيختفي أول ما تطلع الشمس، هدا كلام بلينكن، مزيف».

487820 إسرائيل تناقش مقترحاً قطرياً لإنهاء الحرب مقابل خروج قادة «حماس»
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء محمد اشتية بمدينة رام الله بالضفة الغربية (إ.ب.أ)

وأفاد سكان البريج والنصيرات والمغازي في وسط قطاع غزة بوقوع قصف مكثف خلال الليل مع توغل الدبابات الإسرائيلية – التي شنت هجوماً هناك في عيد الميلاد – بشكل أعمق إلى داخل البريج والمغازي.

وبدأت موجة نزوح جديدة في النصيرات بعد يوم من إسقاط إسرائيل منشورات تحذيرية جديدة على سكان عدة مناطق تطالبهم بإخلاء منازلهم والتوجه غرباً إلى دير البلح.

وتقصف إسرائيل المنطقة هناك أيضاً. ونشر الهلال الأحمر الفلسطيني مقطع فيديو يظهر وصول سيارات الإسعاف إلى مستشفى حاملة قتلى وجرحى، من بينهم أطفال.

وفي إشارة إلى احتدام القتال، أعلنت إسرائيل مقتل تسعة من جنودها في غزة، أمس الثلاثاء، أحد أكثر الأيام دموية بالنسبة لقواتها في الحرب.

وتقول إسرائيل إنها لن تتوقف عن القتال حتى تقضي على حركة «حماس» وتستعيد أكثر من 100 رهينة لا تزال محتجزة في غزة.

Share this content:

من eshrag

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *