بحث كبار الموظفين بوزارتي الخارجية الجزائرية والفرنسية، أمس الثلاثاء واليوم الأربعاء، الزيارة المؤجلة للرئيس عبد المجيد تبون والملفات المدرجة في أجندتها، ومعالجة الخلافات التي حالت دون إنجازها في التاريخ، الذي حدد لها سابقاً، وهو النصف الثاني من يونيو (حزيران) 2023.

الرئيسان الجزائري والفرنسي بالجزائر في 25 أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

وعقد الاجتماع بمقر وزارة الخارجية الجزائرية، وترأسه عن الجانب الجزائري أمينها العام لوناس مقرمان، وعن الجانب الفرنسي نظيرته آن ماري دي كوت. وجاء في بيان للخارجية الجزائرية أن الاجتماع «أمكن من إجراء تقييم شامل للعلاقات بين البلدين، على المستوى السياسي، وللتعاون الثنائي في المجالات كافة، بما في ذلك المجال الاقتصادي ومسألة تنقل الأشخاص».

وأكد البيان نفسه أن «القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك كانت ضمن جدول أعمال المناقشات بين المسؤولين، لا سيما الوضع في منطقة الساحل ومالي والشرق الأوسط، وبشكل رئيسي الوضع في فلسطين والأزمة الإنسانية في غزة، إضافة إلى قضية الصحراء».

554198 اجتماعات جزائرية - فرنسية رفيعة لترتيب زيارة تبون إلى باريس
كوادر الدبلوماسية الجزائرية (الخارجية الجزائرية)

وأفادت مصادر تابعت أشغال الاجتماع بأن الوفدين الدبلوماسيين بحثا الزيارة المؤجلة للرئيس تبون إلى باريس منذ ستة أشهر، التي يفترض أن تتم قبل نهاية السداسي الأول من 2024، إثر مفاهمات جرت بين الحكومتين. وتناولت المباحثات، حسب المصادر ذاتها، «استكمال ضبط أجندة الزيارة».

وكان موظفون بخارجية البلدين قد التقوا بباريس العام الماضي لتحديد الملفات، التي ستكون محل إبرام اتفاقات في أثناء الزيارة، وذلك في إطار «اتفاق الشراكة المتجددة»، الذي شكل باكورة زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر نهاية أغسطس (آب) 2022.

554200 اجتماعات جزائرية - فرنسية رفيعة لترتيب زيارة تبون إلى باريس
كوادر الدبلوماسية الفرنسيون (الخارجية الجزائرية)

ومن أهم محطات الزيارة المتفق عليها، «قصر أمبواز» بوسط فرنسا، وهو مكان مفعم بالتاريخ، حيث شهد سجن الأمير عبد القادر الجزائري خلال القرن الـ19، وهو شخصية دينية وسياسية، خاض ثورات شعبية ضد فرنسا الاستعمارية. كما يعد الأمير مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، وكان رمزاً للتسامح بين الديانات، وعرف بالدفاع عن مسيحيي سوريا عام 1860 ضد الاضطهاد الذي تعرضوا له، وعاش بينهم خلال منفاه السوري بعد انتهاء سجنه بفرنسا.

554201 اجتماعات جزائرية - فرنسية رفيعة لترتيب زيارة تبون إلى باريس
أعضاء لجنة الذاكرة الجزائريون في لقاء سابق مع الرئيس تبون (الرئاسة الجزائرية)

وكان وزير خارجية الجزائر، أحمد عطاف، قد قال في تصريحات لوسائل الإعلام نهاية 2023، إن بلاده تريد أن تكلل زيارة تبون إلى «قصر أمبواز» بتسلمه سيف وبرنس الأمير. غير أن السلطات الفرنسية رفضت ذلك عندما عرضت عليها الفكرة، بحجة أن «الأمر يتطلب إصدار قانون»، ما حال دون إتمام الزيارة المتفق عليها مبدئياً، بحسب عطاف.

ومرّت العلاقات الثنائية بفترات عصيبة في سنة 2023؛ بسبب أحداث وتصريحات متبادلة، لم تساهم إيجابياً في مسعى معلن لبناء علاقة قائمة على المصلحة، بعد تجاوز ما يعرف بـ«نزاع الذاكرتين» المرتبط بالاستعمار.

واجتمعت الشهر الماضي في باريس «حركة المؤسسات بفرنسا» (ميديف) و«مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري»، وهما أهم منظمتين لأرباب العمل بالبلدين، بهدف ترتيب الملفات الاقتصادية والتجارية موضع الاتفاقات التي ستبرم خلال الزيارة. كما عقد باحثون في التاريخ من البلدين اجتماعات في الأشهر الأخيرة، ضمن ما يسمى «لجنة الذاكرة» لتسوية مشاكل متصلة بأرشيف ثورة التحرير، وموضوع التجارب النووية الفرنسية في صحراء الجزائر، مطلع ستينات القرن الماضي، وتبعاتها على الإنسان والبيئة.

وإذا كانت الجزائر تضع «قضية الذاكرة»، و«اعتذار فرنسا عن جرائم الاستعمار»، وزيادة حصتها من التأشيرة الفرنسية، على رأس أولوياتها في علاقاتها بالمحتل السابق، فإن اهتمامات باريس منصبة أكثر على المنافسة التي تواجهها المؤسسات الاقتصادية الفرنسية، من طرف عملاء تجاريين أقوياء، وخاصة تركيا والصين.

وأكدت إحصاءات نشرها «ميديف» حول التعاون الثنائي أن فرنسا كانت في 2022 أول مورّد للجزائر بالمنتجات التي تطلبها، وذلك بقيمة 3.5 مليار دولار، تأتي بعدها الصين التي بلغت صادراتها إلى الجزائر 6.2 مليار دولار في العام ذاته.

Share this content:

من eshrag

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *