اتهم الكرملين، الاثنين، «جهات خارجية» بمحاولة استخدام الأحداث الدامية في الشرق الأوسط لتشجيع تحركات استفزازية داخل روسيا تهدف إلى «تقسيم المجتمع»، وإثارة اضطرابات.

ودعا الرئيس فلاديمير بوتين كبار المسؤولين في البلاد ورؤساء الأجهزة الأمنية والعسكرية لاجتماع موسّع مساء الاثنين؛ لمناقشة تداعيات الحرب في غزة على الداخل الروسي، وبحث الإجراءات التي يجب اتخاذها لمواجهة احتمالات تفاقم الموقف، في خطوة عكست تنامي القلق لدى الكرملين على خلفية تحول نشاطات مؤيدة للفلسطينيين ودعوات واسعة للتدخل في الصراع، إلى أحداث شغب، مثل التي وقعت، الأحد، في مطار داغستان الدولي.

وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن الرئيس الروسي دعا القيادة الروسية لاجتماع مخصص لبحث آليات مواجهة «محاولات الغرب استغلال أحداث الشرق الأوسط لتقسيم المجتمع الروسي». وزاد أن بوتين أجرى محادثات مفصلة مع عدد من كبار المسؤولين، تلقى خلالها تقارير عن الوضع.

ودُعي إلى الاجتماع الموسع رئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين، ورئيسة مجلس الاتحاد (الشيوخ) فالنتينا ماتفيينكو، ورئيس مجلس الدوما (النواب) فياتشيسلاف فولودين، ونائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف، وسكرتير مجلس الأمن الروسي نيقولاي باتروشيف، والمدعي العام إيغور كراسنوف، ونائب رئيس الوزراء أندريه بيلوأوسوف، ووزير الخارجية سيرغي لافروف، ووزير الدفاع سيرغي شويغو، ورئيس هيئة (وزارة) الأمن الفيدرالي ألكسندر بورتنيكوف، ومدير الحرس الروسي فيكتور زولوتوف، ورئيس جهاز الاستخبارات الخارجية سيرغي ناريشكين، ورئيس لجنة التحقيق ألكسندر باستريكين، ووزير الداخلية ألكسندر جوروفوي.

ويعكس حجم الاجتماع ومستوى تأثير الحاضرين فيه مستوى القلق الروسي من تفاقم الموقف، خصوصاً مع ربط ذلك باتهامات للغرب بمحاولة زعزعة الوضع في روسيا.

وكان بيسكوف قد علّق على أحداث مطار محج قلعة عاصمة جمهورية داغستان الروسية بأنها جاءت «نتيجة لتدخل خارجي، بما في ذلك عبر تأثير المعلومات التي يجري تداولها وبثها». وأكد أن بوتين تلقى تقارير حول الوضع في داغستان من هيئة الأمن الفيدرالي والحرس الروسي ومن حاكم الجمهورية.

وكان مئات المحتجين الغاضبين بسبب الحرب على غزة قد اقتحموا المطار الدولي في داغستان مباشرة بعد هبوط طائرة قادمة من تل أبيب تنقل مواطنين إسرائيليين مزدوجي الجنسية. وحاول المتظاهرون الذي سيطروا ساعاتٍ على المطار الوصول إلى الطائرة التي حرص قائدها على إعادة المسافرين إليها بعد لحظات من بدء نزولهم، وأغلق الأبواب تحسباً لوقوع مواجهات.

واضطرت سلطات المدينة إلى إغلاق المطار وتحويل الرحلات الدولية إلى مطارات أخرى. وأطلقت عملية أمنية واسعة، أسفرت بعد مرور 24 ساعة عن إعلان عودته إلى العمل. اللافت أن السلطات في داغستان كانت قد حذرت قبل ذلك، من احتمال «وقوع استفزازات دُعِيً إليها عبر وسائل التواصل الاجتماعي».

ورجّح رئيس جمهورية أوسيتيا الجنوبية المجاورة أناتولي بيبيلوف، وجود «أيادٍ خارجية عملت على تأجيج هذا الاستفزاز». بينما اضطرت السلطات إلى طلب تدخل مفتي جمهورية داغستان، أحمد أفندي، الذي وجّه نداءً إلى المحتجين أكد فيه أنه «منذ أن بدأت هذه الحرب (بين الفلسطينيين والإسرائيليين) وبدأ إخوتنا وأخواتنا يموتون، ولم نحظَ بلحظة هدوء واحدة».

وأضاف المفتي: «نحن نسأل الله على الدوام أن يمنحنا الفرصة لوقف سفك الدماء هذا بالطرق السلمية. أنا أتفهم مشاعركم، والمشاعر التي تطغى عليكم في هذه الأوقات. إلّا أن ما تفعلونه حالياً لا يُمكن أن يساعد أحداً في شيء. أنا قلق جداً عليكم وعلى عائلاتكم… أَخْلوا المطار، واتركوا هذا الأمر وشأنه». وفي مسعى لتهدئة مشاعر الغضب أكد أنه «يجب وقف مجيء الطائرات من إسرائيل إلى أراضي داغستان واستبداله وسلوك طرق أخرى».

وعلى الرغم من أن اقتحام المطار شكّل تطوراً نوعياً في آليات التعبير عن الغضب، لكنه لا يعد التحرك الوحيد الذي أقلق السلطات الروسية خلال الأيام الماضية؛ إذ أصدرت الإدارات الدينية لمسلمي روسيا نداءات متواصلة للتدخل لحماية الشعب الفلسطيني، كما دخل بعضها على خط إطلاق حملة واسعة لمقاطعة البضائع التي يدعم منتجوها إسرائيل. كما حفلت صفحات مسلمين روس على وسائل التواصل الاجتماعي بدعوات للتحرك لحماية الفلسطينيين.

لكن الأبرز كان توجيه رسائل حادة جداً من رئيس الشيشان رمضان قديروف، الذي يحظى بنفوذ واسع في منطقة شمال القوقاز، ذات الغالبية السكانية المسلمة. وكان قديروف قد قال إن «الفاشية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين ليست أقل من فاشية هتلر، وربما تفوقها». وكتب قديروف عبر قناته على «تلغرام» أنه تلقى رسالة فيديو من أطفال فلسطينيين طالبوا فيها بالمساعدة في وقف الحرب. وزاد: «ماذا يجب أن أقول لهؤلاء الأطفال؟ إن حلف شمال الأطلسي الذي يتخيل نفسه سيد العالم دائماً يسفك دماء الناس في جميع أنحاء الكوكب بإشارة من واشنطن». وذكر أن «آلافاً عدة من الأبرياء أصبحوا ضحايا للإبادة الجماعية»، معلناً عن استعداده لإرسال «قوات تفصل بين الفلسطينيين والإسرائيليين لتأمين حماية الشعب الفلسطيني».

واضطر الكرملين إلى الرد سريعاً على تلك التصريحات، إذ قال بيسكوف إن «لدى روسيا علاقات تاريخية طويلة الأمد مع الفلسطينيين، ونحن نواصل تعزيز الاتصالات، بما في ذلك على المستوى الرفيع. ولكن في الوقت نفسه، لدينا علاقات مع دولة إسرائيل، التي تجمعنا بها أيضاً الكثير من القواسم المشتركة، خصوصاً، العدد الكبير من مواطنينا المقيمين في هذه الدولة».

Share this content:

من eshrag

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *