أدانت محكمة في برلين ناشطة مؤيدة للفلسطينيين، بتهمة هتاف شعار: «من النهر إلى البحر، فلسطين ستكون حرة» في تظاهرة بالعاصمة الألمانية، بعد 4 أيام من 7 أكتوبر (تشرين الأول)، فيما وصفه فريق الدفاع عنها بأنه «هزيمة لحرية التعبير».

وأمرت القاضية بريغيت بالزر التي ترأست المحكمة، المواطنة الألمانية الإيرانية البالغة من العمر 22 عاماً، آفا مويري، بدفع غرامة قدرها 600 يورو (515 جنيها إسترلينياً) أمس (الثلاثاء)، رافضة حجتها بأنها كانت تقصد فقط التعبير عن دعمها «للسلام والعدالة» في الشرق الأوسط، من خلال التلفظ بهذه العبارة في شارع مزدحم.

وقالت بالزر إنها «لم تستطع فهم» منطق أحكام المحكمة الألمانية السابقة التي قررت أن الشعار «غامض»، قائلة لها إنه من الواضح أنه «ينكر حق دولة إسرائيل في الوجود».

كانت القضية التي نظرتها المحكمة تحت حراسة أمنية مشددة، واحدة من عدة قضايا منذ هجمات «حماس» في السابع من أكتوبر الماضي، والتي لحقها تدمير غزة ومقتل 39 ألف فلسطيني. وركزت القضايا على القيود الصارمة التي تفرضها ألمانيا على المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين. ووصف محامو مويري هذه القضية بأنها أول محاكمة في برلين تركز على استخدام العبارة التي انتشرت عقب الحرب الإسرائيلية على غزة، في عدة تظاهرات حول العالم.

وقالت بالزر إن الشعار كان مثيراً للجدال بشكل خاص في ألمانيا التي تُعد داعمة لإسرائيل. وأضافت أن الألمان ملزمون بجعل اليهود في البلاد يشعرون «بالأمان والراحة»، وخصوصاً في مواجهة ارتفاع الجرائم «المعادية للسامية» منذ السابع من أكتوبر.

وكان من الممكن سماع نحو 100 متظاهر تجمعوا خارج المحكمة، وهم يهتفون: «فلسطين حرة حرة» أثناء قراءة الحكم. وابتسمت مويري لعشرين من المؤيدين الذين سُمح لهم بحضور الجلسة، وكان كثير منهم يرتدون الكوفية، وقوبلوا بالهتافات عندما غادروا المبنى. وبعد أن أنهى القاضي المحاكمة، هتف اثنان من أفراد الجمهور «ضد القمع»، حسبما نقلت صحيفة «الغارديان».

وكان الحكم الصادر بحق مويري التي لم يكن لها سجل جنائي سابق، ووصفت نفسها بأنها ناشطة في مجال القضايا النسوية وقضايا اللاجئين، أقل من الغرامة البالغة 900 يورو التي طالب بها ممثلو الادعاء العام، الذين قالوا في وقت لاحق إنهم سينظرون في الاستئناف.

ومن جانبه، أدان محامي مويري، ألكسندر جورسكي، ما سمَّاه انتصاراً لـ«قمع الدولة» للمحتجين، وقال إنه سيطعن في الحكم أمام محكمة أعلى.

كانت المتهمة إحدى المشاركات في تنظيم احتجاج يوم 11 أكتوبر بالقرب من شارع سونينالي في حي نويكولن، في العاصمة برلين، وهو شارع مزدحم كان مسرحاً لكثير من الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين.

وقال الفريق القانوني لمويري إن الشعار يجب أن يُنظر إليه على أنه «تعبير مركزي عن حركة التضامن العالمية مع فلسطين» ذات الأصل التاريخي الذي يسبق «حماس». وقالوا إنه يجب أن تؤخذ مويري على محمل الجد بأنها رفضت «أي شكل من أشكال معاداة السامية».

ووفقاً للصحيفة البريطانية، فإن شعار «بين النهر والبحر» يتم استخدامه منذ ستينات القرن العشرين، من قبل عدد من الناشطين الذين لديهم أجندات مختلفة. وله مجموعة من التفسيرات في مختلف أنحاء العالم، من الإبادة الجماعية إلى الديمقراطية. وفلسطينياً، يشير الشعار إلى الأرض الواقعة بين نهر الأردن إلى الشرق والبحر الأبيض المتوسط ​​إلى الغرب، والتي تشمل الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حظرت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فايزر أنشطة حركة «حماس» في ألمانيا، وكذلك شعار «من النهر إلى البحر»، الذي أعلنت أنه شعار «حماس».

في فبراير (شباط)، قال وزير العدل الألماني ماركو بوشمان، إن العبارة يمكن أن تشكِّل «تحريضاً معادياً للسامية» ويمكن فهمها على أنها «تتغاضى عن عمليات القتل المرتكبة في إسرائيل».

وكثيراً ما تستخدم الشرطة الألمانية هذا القول مبرراً لإلغاء الإذن بالاحتجاجات المنظمة، أو جعل تجنبه شرطاً لمنح إذنها.

وفي يونيو (حزيران)، قضت محكمة بافارية بأن العبارة التي من المتوقع استخدامها في مظاهرة مقبلة في ميونيخ، لا تشكل جريمة، ولا يمكن حظرها بشكل قاطع، ووجدت أن «فائدة الشك» حول الشعار يجب أن تسود.

وانتقد المجلس المركزي لليهود في ألمانيا الذي يمثل مجتمعاً يبلغ عدده نحو 200 ألف شخص، هذا القرار، ووصفه بأنه «غير مفهوم». وقال المجلس: «إن صرخة (حماس) تعني إبادة إسرائيل، وطرد وتدمير اليهود الذين يعيشون هناك»، مضيفاً أن «الواجب العاجل» للدولة الألمانية هو «إيجاد الوضوح» بشأن العبارة.

Share this content:

من eshrag

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *