قال المخرج المصري عمر الزهيري إنه يستغرق وقتاً طويلاً في صناعة أفلامه؛ فهو حريص على أن يقدم أفلاماً قائمة على التأمل، وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أنه لا يتعجل في اختيار فيلمه المقبل، مشيراً إلى أن إعداد فيلمه «ريش» استغرق 8 سنوات.

ويشارك الزهيري عضو لجنة تحكيم بمسابقة الأفلام الروائية الطويلة بمهرجان الجونة السينمائي خلال دورته السادسة، وكان فيلمه الأول «ريش» قد أثار ضجة بعد عرضه بالمهرجان ذاته قبل عامين، وواجه بسببه اتهاماً بـ«الإساءة إلى سمعة مصر»، وتُوّج في نهاية الدورة الرابعة بجائزتي أفضل فيلم عربي بمهرجان الجونة، وأفضل مخرج عربي من مجلة «فارايتي»، وحاز الفيلم نحو 25 جائزة دولية منذ عرضه بمهرجان «كان» وحصوله على جائزة أفضل فيلم بمسابقة أسبوع النقاد، وجائزة «فيبرسي» التي يقدمها اتحاد النقاد بالمهرجان.

وكان مخرج «ريش» قد شارك عضو لجنة تحكيم بمهرجان «لوكارنو» خلال دورته الماضية، ورأى مشاركته بلجان التحكيم جاءت مبكرة، وعن هذه التجربة يقول: «التجربة في مهرجان (لوكارنو) كانت مثيرة ومفيدة، فقد شاركت في التحكيم لجائزة أول فيلم طويل، وهي جائزة واحدة شارك فيها 22 فيلماً، وتعادل مسابقة «الكاميرا دور» بمهرجان (كان)، وقد منحتني فرصة مشاهدة أفلام المخرجين الأولى، وكان اختياري ينصبّ على الفيلم الذي يقدم سينما متجددة، مختلفة، تفاجئني، والذي يقدم رؤية غير معتادة وغير متوقعة، هذه نوعية السينما التي أحبها».

المخرج المصري عمر الزهيري (الشرق الأوسط)

وعن لجنة تحكيم الجونة يقول: «لدينا هنا جوائز كثيرة أخرى، وأنا ممتن لمشاركتي بلجنة التحكيم، كما سعدت بعقد المهرجان وعدم إلغائه؛ لأن السينما ليست رفاهية، بجانب أهمية عرض أفلام فلسطينية لأنها تقوم بدور مهم في تسليط الضوء على القضية نفسها بكل أبعادها».

ما بين أزمة العرض في الجونة والجوائز التي حازها فيلم «ريش» يؤكد الزهيري أنه فوجئ وقتها برد الفعل السلبي والهجوم على الفيلم، لكنه لم يغضب مبرراً ذلك: «كنت أعلم أن الفيلم عنيف وغير متوقع، لكن الأمر الذي أرفضه أن يتحقق النجاح بسبب (البروباغندا) أو الهجوم، بل المهم أن يأتي من أصل فني، وهذا ما حدث، فقد حاز الفيلم جائزتين مهمتين من مهرجان كان، ولم يكن لذلك علاقة بالبروباغندا، كان أكثر شيء كنت أتمناه أن تنتهي الزوبعة حوله، بعدها بقي الفيلم مثل أي عمل، البعض أحبه والبعض لا».

459661 عمر الزهيري لـ«الشرق الأوسط»: لا أتعجل لفيلمي المقبل
مشهد من فيلم «ريش» (المخرج)

وبعد عامين من عرض فيلم «ريش» يدرك المخرج الشاب أن هناك ترقباً لفيلمه الثاني، لكن لا يشغله ذلك: «أنا في مرحلة اكتشاف. أقوم بأعمال في مراحل الشغل الأولى مع نفسي، وأستغرق وقتاً طويلاً في أفلامي، ففيلم (ريش) استغرق 8 سنوات، ولا أتعجل لأنني أقدم أفلاماً قائمة على التأمل، ولست مشغولاً بتوقعات البعض، ولا متى يظهر فيلمي، بل أنشغل بما أقوم به، ويجب ألا أقع في فخ المخرج المنتظر، ولا أنشغل بعوامل خارجية تقرر لي أفكاري، كما لا أتغذى على الآراء السلبية، بل (أشتغل) كثيراً على نفسي».

وعن مدى وجود تباعد بين الأفلام الجماهيرية وأفلام المهرجانات يقول المخرج الشاب: «لم يكن (ريش) فيلماً تجارياً، بل كان فيلما فنياً بسيطاً، وهذه النوعية التي أجيد عملها. إن عقلي لا يستوعب وجود وصفة سحرية لعمل فيلم يضمن أن يعجب الجمهور، ما أعرفه كيف أصنع فيلماً وأنا أحسه، وكيف أكون حراً وأنا أخرجه، وبالتالي النجاح عندي أن الفيلم نفسه يجري عمله، وليس أن يقول الناس رأياً إيجابياً أو سلبياً، لأن السينما التي أقدمها نابعة من أحاسيس مربكة بالنسبة لي، هي سينما شعبوية وليست نخبوية».

الإنتاج كان أحد العوامل التي سهلت له أن يقدم أفلامه كما يراها دون تنازلات مثلما يؤكد: «ما لا أتنازل عنه أنه لا توجد تفصيلة بأفلامي لا أقتنع بها أو أنفي مسؤوليتي عنها، لأنني أنفذ أفلامي بإيمان شديد مني والمنتج وحتى أصغر شخص، ونؤمن بقيمة الفيلم نفسه، وليس رأي البعض فيه، لذلك أشعر بأريحية».

459662 عمر الزهيري لـ«الشرق الأوسط»: لا أتعجل لفيلمي المقبل
مع أعضاء لجنة التحكيم بمهرجان الجونة (الجونة السينمائي)

ويعترف الزهيري بأنه كان محظوظاً بأن التقى بمنتجة تؤمن بما يقوم به وهي الفرنسية «جولييت ليبوتش» التي اكتشفته منذ فيلمه القصير «ما بعد وضع حجر الأساس لمشروع الحمام بالكيلو 375» الذي شارك به أيضاً بمهرجان «كان»، وقد آمنت بالسينما التي يقدمها، وكانت بداية رحلته مع «ريش»، كما كان المنتج المصري محمد حفظي مشاركاً من مصر، وشارك في إنتاجه 7 شركات، ويضيف الزهيري: «المشكلة التي تواجه أغلب المخرجين حين لا يجد كل منهم فريقاً يؤمن بما يقدمه، لأن هذا الفريق هو الذي يوجد الحلول».

ويرى الزهيري أن السينما العربية تشهد مولد مخرجين شباب أثبتوا قدراتهم الفنية مثل السوداني محمد كردفاني، والسعوديين مشعل الجاسر وعلي كلثمي، والأردني أمجد رشيد، واليمني عمر جمال… وغيرهم، قائلاً: «لدينا مواهب كثيرة جيدة، لكن المهم النظرة الغربية للسينما العربية، إذ يُنْظَر للأفلام العربية على أنها تطرح قضايا دون النظر لقيمتها الفنية، وهذا أمر شديد الظلم؛ إذ لا بد أن تكون أفلامنا جزءاً من العالم».

وعن السينما المصرية يزعجه أن نجاح أي فيلم مصري بالخارج يُنْظَر له على أنه «اخترع السينما في مصر»، موضحاً: «حين لقي فيلم (ريش) حفاوة سينمائيين غربيين قلت لهم أنا قادم من سينما عمرها أكثر من 100 عام، وبها مخرجون كبار مثل خيري بشارة ومحمد خان، وقد تعلمت السينما في مصر، ولدينا سينما غنية جداً بمنزلة إرث نحن نتاجه، ولعل أكثر ما أتمناه أن يرى العالم أفلامنا العربية بشكل أعمق».

Share this content:

من eshrag

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *