غرقت الطرق في لبنان بمياه الأمطار بشكل غير مسبوق، وأقفلت نتيجة السيول وانهيار الأحجار والتربة، وأدت الأمطار إلى أضرار كبيرة في الممتلكات. وفيما تبادل المسؤولون الاتهامات بالتقصير، تفقد بعد الظهر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أعمال فتح الطرق التي أقفلتها السيول والأتربة، ولا سيما منطقة الكرنتينا ومجرى نهر بيروت.

وأكبر الأضرار سجّلت في منطقة الكرنتينا، الطريق المحاذية لنهر بيروت، ما أدى إلى إقفال الطريق المؤدية إلى مرفأ بيروت، ووصلت الأمطار إلى مركز الدفاع المدني، ما أدى إلى عرقلة عمل العناصر والآليات، كما أعلن عن وفاة 4 أطفال سوريين في الشمال. وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن الأمطار تسببت بانجراف التربة في بلدة حميص – مزيارة في قضاء زغرتا وسقوطها على سطح غرفة (مصنوع من الأترنيت) عند سفح الجبل، تقطنها عائلة من النازحين السوريين، ما أدى إلى انهيار الغرفة ومقتل 4 أطفال، الذين عمل الدفاع المدني على انتشال جثثهم من تحت الركام.

ومساء الجمعة، تحولت الطرق في مختلف المناطق اللبنانية إلى أنهار حيث علق المواطنون في سياراتهم، ووصلت الأمطار إلى مطار رفيق الحريري الدولي، كما تحولت بعض المنازل والمحلات التجارية إلى برك كبيرة للمياه، وأظهرت مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي محاولات إنقاذ المواطنين العالقين في سياراتهم وفي المطار، إضافة إلى انهيار أحد الأرصفة في منطقة الروشة .

وفيما انهار مبنى مهجور في منطقة زقاق البلاط في بيروت، أدى تساقط كميات كبيرة من الأمطار إلى تجمع المياه داخل مستشفى قلب يسوع في الحازمية، وقد دخلت المياه قسم الطوارئ وقسم الأشعة في المستشفى، بعدما غمرت موقف السيارات التابع لها.

وفي منطقة عكار، في شمال لبنان، «وصل البحر إلى الجرد» بحسب ما قال المواطنون، وهو ما أظهرته مقاطع الفيديو التي تم التداول بها على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأعلنت المديريّة العامّة للدّفاع المدني اللّبناني أنّ عناصرها سحبوا 64 تلميذاً، حاصرتهم السّيول داخل باصَين في محلّة ​نهر الكلب، مشيرةً إلى أنّ «العناصر نقلوا إحدى التّلميذات إلى ​مستشفى سيدة لبنان​ لتلقّي العلاج اللّازم، كما قدّموا الإسعافات الأوّليّة اللّازمة إلى تلميذة أخرى في الموقع. أمّا التلاميذ الآخرون فقد تمّ التّأكّد من سلامتهم، وإيصالهم إلى برّ الأمان».

وأفادت بأنّ «العناصر عملوا أيضاً على إزالة الصّخور والأتربة جرّاء سقوطها على طرق دوما وكفرحلدا – ​البترون​»، مشيرةً إلى أنّ «عناصر معزّزين بالآليّات عملوا كذلك على إنقاذ مواطنين احتجزتهم السّيول داخل الأبنية السّكنيّة، وسحب عدد كبير من السّيّارات الّتي حاصرتها السّيول في محلّة ​الكرنتينا​، حيث ارتفع منسوب المياه بسبب إقفال منفذ النهر نظراً لكميّة المتساقطات الهائلة».

وأوضحت المديريّة أنّه «تمّ التّأكّد من سلامة المواطنين الّذين كانوا محاصرين على سطح أحد المباني، وعملت زوارق الإنقاذ البحري على نقلهم إلى برّ الأمان، ولم يسجّل وقوع أيّ إصابات، باستثناء مصاب واحد تمّ نقله إلى المستشفى بواسطة آليّة الإسعاف التّابعة للدفاع المدني».

وبيّنت أنّ «عناصر من الدفاع المدني عملوا على سحب 3 سيّارات، وإنقاذ مواطنين احتُجزوا داخلها جرّاء ارتفاع منسوب مياه النّهر في لحفد – ​جبيل​».

وأعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أنه يتابع مع الوزارات والإدارات المعنية موضوع العاصفة المناخية التي يشهدها لبنان، والمعالجات القائمة للحد من أضرارها، واطمأن إلى أنه لا أضرار بشرية جراء العاصفة، وأن كل الخطوات الميدانية المطلوبة هي قيد المتابعة.

وأجرى في هذا الصدد اتصالاً بوزير الأشغال العامة والنقل، علي حمية، لمتابعة موضوع الأوتوسترادات والطرق التي غرقت بالمياه، إضافة إلى جاهزية فرق الوزارة لفتح الطرق الجبلية المقطوعة بالثلوج.

كما أجرى اتصالاً بوزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، وأطلعه على جاهزية البلديات في مختلف المناطق للتدخل حيث يلزم فتح الطرق وتسهيل حركة المواطنين وطلب إرسال جرافات بشكل عاجل لمعالجة الوضع الطارئ عند مصبّ نهر بيروت، واتصل بمدير الدفاع المدني العميد ريمون خطار منوهاً بالجهود التي قام بها عناصر الدفاع المدني منذ ليل أمس لإنقاذ المواطنين على الطرق التي تكونت فيها برك المياه.

إلى ذلك، تبادل المعنيون الاتهامات بالمسؤولية، وخاصة بين الوزارات والبلديات. وقال وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال، علي حمية، خلال مؤتمر صحافي عقده في مركز ضهر البيدر لجرف الثلوج، إن «وزارة الطاقة والمياه، وفقاً للقانون، هي المعنية بتنظيف مجاري مياه الأنهر وتصحيحها، وقياس كمية سيلان المياه، فذلك كله يقع ضمن نطاق صلاحياتها»، مشيراً في هذا السياق إلى أن «عدم تنظيف مجرى نهر بيروت أدى بالأمس إلى ارتفاع منسوب المياه، ما أعاد المياه إلى الكرنتينا»، وقال: «تواصلت مع رئيس الحكومة ومع وزير الطاقة الذي أبلغنا أنه تواصل مع البلديات للقيام بتنظيف مجاري الأنهر»، مضيفاً أنه «عند تفقده مجرى نهر بيروت اليوم تبين أن أحداً من الجهات المعنية لم تقم بتنظيفه كي تخرج منه المياه بشكل انسيابي».

وذكر أن «الدولة اللبنانية قائمة على عدد من الوزارات، وإن لم تقم جميعها بواجباتها، وأولاها وزارة الأشغال العامة والنقل، فعندها لا يمكننا أن نفعل أي شيء»، لافتاً إلى أن «وزارة الأشغال العامة والنقل تقع صلاحيتها الإدارية على الأوتوسترادات الرئيسية».

وردّت وزارة الطاقة تعليقاً على فيضان الطرق الذي حصل على طرق لبنان، ومنها الطريق المحاذية لنهر بيروت مساء الجمعة. وقالت في بيان: «لقد هطل أكثر من 100 مليمتر من الأمطار خلال بضع ساعات في وقت لا يمكن لأي بنى تحتية، مهما بلغ عامل الأمان المتخذ عند تصميمها، أن تستوعب هذه الكميات».

وأضاف البيان: «سبق لوزارة الطاقة هذا العام أن قامت بتفقد الأنهر التي تقع ضمن نطاق صلاحياتها، والتي تشمل المجرى الطبيعي باستثناء المصب الواقع ضمن الأملاك العامة البحرية، الذي يقع تحت مسؤولية وزارة الأشغال العامة، مثله مثل أقنية تصريف مياه الأمطار والريغارات على الطرق».

وأكدت أنه «قد تبين أن مجاري الأنهر سالكة، وجارية مياهها بشكل طبيعي بعد عمليات إعادة التنظيف التي جرت ضمن إمكانات الوزارة المادية الخجولة».

من جهته، طلب وزير الداخلية والبلديات، القاضي بسام مولوي، من المحافظين والمسؤولين المعنيين التابعين للوزارة، الكشف الفوري على الأضرار الناجمة عن العاصفة المناخية التي يشهدها لبنان، وطلب من محافظ مدينة بيروت القاضي مروان عبود، ورئيس المجلس البلدي، تفقد المبنى الذي انهار جزء منه في منطقة زقاق البلاط، والتأكد من سلامة الأبنية المحيطة وفتح الطريق.



Share this content:

من eshrag

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *