كان دخول منتخب إيران إلى مشهد البطولات الآسيوية قويا، تتويج باللقب منذ الحضور الأول، وصناعة لعهد جديد من متابعي اللعبة التي انتقلت وأصبحت مع تقدم السنوات تمتلك الشعبية الأولى.

شكل جديد وبطل جديد ومستضيف جديد، تلك أبرز ملامح نسخة كأس آسيا 1968 رابع البطولات القارية التي استضافتها إيران للمرة الأولى عبر تاريخها، بعد أن تنقلت بين هونغ كونغ وكوريا الجنوبية ثم إسرائيل.

لم تكن رياضة كرة القدم تحظى بشعبية كبيرة في إيران، ولم تكن اللعبة ذات الرقم الأول، فالمصارعة ارتبطت ارتباطاً وثيقاً مع الإيرانيين عبر أزمنة طويلة من التاريخ، فلم تكن مجرد لعبة رياضية فقط، هي أكثر من ذلك، مزيج من الارتباط الديني والروحاني، وأخرى تتعلق بأمور ثقافية تسكن عقول شعب إيران.

كانت استضافة بطولة أمم آسيا تحولا مفصليا في المشهد الرياضي العام بإيران، رغم وصول منتخب بلادهم إلى نهائي دورة الألعاب الآسيوية 1950 قبل خسارته من البلد المضيف (الهند) وغيابه عن المشهد مجدداً.

منذ تحقيق اللقب الآسيوي بدأت شعبية كرة القدم ترتفع في إيران (الشرق الأوسط)

أطل منتخب إيران برأسه في المشهد الآسيوي، وكانت النسخة الرابعة للبطولة القارية مستمرة بعدد منتخباتها المحدود، بسبب مقاطعة عربية نظير مشاركة إسرائيل في القارة الصفراء، إضافة إلى نظام البطولة الذي لم يتسع بعد.

حضرت إيران للمرة الأولى بكونها البلد المضيف، وشاركت إسرائيل بصفتها حاملة اللقب للنسخة الأخيرة، وحضرت هونغ كونغ للمرة الثالثة في البطولات الآسيوية، فيما شارك منتخب ميانمار للمرة الأولى وكذلك منتخب الصين تايبيه.

شهدت النسخة الرابعة غياب كوريا بعد حضورها في ثلاث نسخ مضت، كانت بطلة لدورتين منها في حين غابت عن تحقيق الثالثة ولم تحضر للمشاركة في النسخة الرابعة.

في العاشر من مايو (أيار) 1968 استهل صاحب الأرض مشواره في البطولة ونجح في تحقيق فوز أول أمام هونغ كونغ بهدفين دون رد، في الوقت الذي تعادلت فيه الصين أمام ميانمار بهدف لمثله، لكن منتخب إسرائيل سجل نتيجة قياسية أربكت مشهد المنافسة في البطولة عقب فوزه على هونغ كونغ بنتيجة 6-1. تمكن منتخب إيران من تحقيق انتصار كبير أيضاً أمام الصين برباعية دون مقابل، في الوقت الذي خسر فيه منتخب إسرائيل أمام ميانمار بهدف دون رد في الجولة الثانية، واصل صاحب الأرض رحلته المثالية في البطولة بتحقيق الفوز على حساب ميانمار بنتيجة 3-1، أما منتخب إسرائيل فقد استمر في الفوز أيضاً وكسب الصين بنتيجة 4-1.

رغم انتصار منتخب ميانمار في الجولة الأخيرة أمام هونغ كونغ بهدفين دون رد، فإن الأمور بدت في طريقها لصالح أصحاب الأرض منتخب إيران الذي كان يملك قبل لقاء إسرائيل في الجولة الأخيرة 6 نقاط في رصيده مقابل 4 نقاط لمنتخب إسرائيل و5 نقاط لمنتخب ميانمار، كان الفوز مطلباً في المواجهة الأخيرة من أجل تحقيق اللقب القاري للمرة الأولى لإيران.

احتشدت الجماهير في مدرجات ملعب شهيد شيرودي، الذي عُرف أيضا باسم ملعب أمجدية، 30 ألف متفرج وهناك الكثير من الجماهير خارج الملعب، هتافات لم تهدأ، كان المشهد يتجاوز كرة القدم بالنسبة لبعض الإيرانيين الذي يمنون النفس بتجاوز منتخب إسرائيل وتسجيل انتصار في الجانب الرياضي أمامه.

كانت إيران خلال فترة الشاه محمد رضا بهلوي تمضي علاقات جيدة مع إسرائيل، لا يُمنع الرياضيون من التقاء نظرائهم في الألعاب الفردية، لا وجود لانسحابات في الميادين الأولمبية والبطولات العالمية، هي تصرفات ناتجة عن انعكاسات رؤية سياسية لقادة البلاد.

أطلق الهندي ألكس جوزيف فاز حكم المباراة صافرة البداية، ولم تهدأ معها صيحات الجماهير وتشجيعهم لمنتخب بلادهم لتجاوز إسرائيل، لكن الشوط الأولى مضى دون أحداث مثيرة، وكان الجمهور عنوانه الأبرز.

سجل غيورا شبيغل هدفا أول لمنتخب إسرائيل بعد دقائق قليلة من انطلاق شوط المباراة الثاني، بدت الأمور أكثر توترا في الملعب وسط ضغط كبير حتى نجح همايون بهزادي في إدراك التعادل وتسجيل الهدف الأول لمنتخب إيران الذي حظي بنشوة معنوية كبيرة بعد التعادل الذي حضر في الدقيقة 75، استمر اللعب حتى منح برويز قليغتشخاني منتخب إيران الهدف الثاني قبل نهاية المباراة بدقائق، ليتوج صاحب الأرض باللقب القاري الأول لهم.

دونت إيران نفسها بطلة لقارة آسيا وسط حضور جماهيري كبير، فيما احتلت ميانمار وصافة الترتيب، وفشلت إسرائيل في الحفاظ على لقبها وحلت في المركز الثالث.

Share this content:

من eshrag

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *