الأغراض ذات «الاستخدام المزدوج» تعقد جهود إغاثة غزة

أظهرت وثيقة للهلال الأحمر المصري، اطلعت عليها وكالة «رويترز»، ومصادر في غزة منع إسرائيل دخول أغراض للقطاع على متن شاحنات المساعدات من بينها أجهزة تنقية المياه وإمدادات طبية وأعمدة الخيام، لكن إسرائيل نفت منع دخول أي منها.

وتفتش إسرائيل الشاحنات المتجهة إلى القطاع الفلسطيني لمنع دخول أي أغراض ترى احتمال أن تكون ذات «استخدام مزدوج» مدني أو عسكري، وذلك بموجب سياسة تطبقها منذ فترة طويلة قبل هجوم حركة «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) والحرب التي أعقبته في غزة.

لكن مسألة تحديد الأغراض التي يتم السماح بدخولها من عدمه أصبحت أكثر إلحاحا ومحل جدل مع تطور الحرب. وأدى الصراع إلى نزوح معظم سكان غزة وتسبب في نقص حاد في الغذاء والمياه والأدوية وغيرها من الاحتياجات الأساسية.

وتظهر وثيقة الهلال الأحمر المصري، التي يعود تاريخ صدورها إلى منتصف ديسمبر (كانون الأول)، حظر دخول 1200 جهاز لتنقية المياه و100 أسطوانة أكسجين ومولد أكسجين واحد و1000 وحدة تعمل بالطاقة الشمسية و24 مولدا للطاقة و418 من المستلزمات الطبية منذ بدء الحرب.

وقالت وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق الفلسطينية (كوجات)، وهي هيئة تابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية تنسق عمليات تسليم المساعدات مع الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية، إن هذا غير صحيح.

وقال الكولونيل إيلاد جورين من وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق الفلسطينية، خلال مؤتمر صحفي يوم الجمعة، «لا نرفض أي شيء ينضوي تحت أربعة عناوين رئيسية هي: الغذاء والماء والإمدادات الطبية والملاجئ. كل هذه الأشياء تدخل يوميا».

وذكرت «كوجات» أن 11220 طنا من الإمدادات الطبية بينها أجهزة أشعة سينية وأجهزة تصوير مقطعي ومولدات أكسجين للمستشفيات دخلت إلى غزة، بالإضافة إلى وحدات تنقية لمحطة تحلية المياه ووحدات تنقية أخرى متنقلة لتحلية المياه.

«تسبب مشاكل»

لكن أطباء بمستشفيات في غزة قالوا إن معدات مثل أسطوانات الأكسجين وأجهزة الأشعة السينية لا تصل رغم الحاجة الماسة إليها. وعزوا المشكلة إلى عمليات التفتيش الإسرائيلية من دون تحديد كيف عرفوا ذلك.

وقال أحد العاملين في المجال الإنساني بمنظمة إغاثة دولية، طلب عدم ذكر اسمه بسبب حساسية الأمر، إنهم كانوا على علم بأن أنواع معينة من المعدات الطبية بينها أجهزة الأشعة السينية «تسبب مشاكل».

واندلعت الحرب عندما هاجم مقاتلوا حركة «حماس» جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) مما أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 240 رهينة، بحسب السلطات الإسرائيلية.

وتعهدت إسرائيل بالقضاء على «حماس» وردت على هجومها بقصف واجتياح وحصار غزة، مما أسفر عن مقتل أكثر من 22 ألف شخص وفق مسؤولي الصحة في القطاع، علاوة على التسبب في أزمة إنسانية حادة تتمثل في النزوح والجوع والمرض.

وقال كوبي مايكل المستشار السابق للحكومة الإسرائيلية للشؤون الفلسطينية إنه من المرجح أنه تم تشديد عمليات التفتيش منذ بداية الحرب مقارنة بالنظام الذي كان متبعا قبلها وأصبح أقل صرامة على مدار السنين.

وأوضح مايكل، وهو باحث كبير في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب حاليا «أعتقد أن أكثر ما يقلق المفتشين الإسرائيليين حاليا هو ماهية المعدات التي قد تمكن حماس من تمديد فترة بقائها في الأنفاق». وأضاف: «إسرائيل تريد تقصير أمد هذه الحرب وهذا يعني تقليص الفترة التي يمكن أن تقضيها حماس تحت الأرض».

وسُلمت وثيقة الهلال الأحمر المصري لمجموعة من النواب الأوروبيين خلال زيارة قاموا بها لمدينة العريش المصرية حيث يجري تحميل شاحنات المساعدات، ومعبر رفح الذي تدخل منه إلى غزة. وأمدت النائبة الإسبانية سورايا رودريجيز وكالة «رويترز» بها في وقت لاحق.

وقالت رودريجيز وزميلها النائب الأيرلندي باري أندروز إنهما علما خلال زيارتهما أنه في بعض الحالات، لكن ليس جميعها، استبعد المفتشون الإسرائيليون أعمدة الخيام لأسباب غير واضحة. وقال أندروز «كيف يمكن أن يكون هذا قابلا للاستخدام العسكري؟ من الصعب جدا فهم الأمر».

خيام من دون أعمدة

قالت «كوجات» إن إسرائيل ليس لديها خطة لإبعاد أعمدة الخيام، وإن 13490 طنا من الإمدادات المخصصة للملاجئ ومن بينها أعمدة الخيام دخلت غزة خلال الحرب في 923 شاحنة.

وفي رفح داخل قطاع غزة، شاهد مراسلو وكالة «رويترز» كومة مما يشبه الخيام القماشية السميكة ملقاة على الأرض في زاوية بمستشفى الكويت. وقال مدير المستشفى الدكتور صهيب الهمص إن الخيام ملقاة بهذا الشكل لأنه تم تسليمها من دون أعمدة.

كومة من الخيام ملقاة في المستشفى الكويتي في غزة لأنها بلا أعمدة (رويترز)

وقال مسؤول بوزارة الشؤون الاجتماعية في غزة إنه على علم بوصول نحو 150 خيمة من دون أعمدة من بين 30 شاحنة محملة بالخيام.

وأشار أشرف أبو سكران، وهو عامل بناء نزح من منزله في مدينة غزة، إنه رفض عرضا بالحصول على خيمة من دون أعمدة. وبدلا منها اشترى بعض الخشب الرقيق والقماش المشمع وأقام مأوى في رفح يعيش فيه حاليا مع زوجته وأطفاله الخمسة الذين يعاني أحدهم من إعاقة. وقال «أين من المفترض أن أجد أعمدة معدنية؟ خسرنا منزلنا ولا نستطيع حتى إيجاد خيمة جيدة».

وربما يعود جانب من الالتباس حول ما إذا كانت إسرائيل تمنع بعض الأغراض بسبب الاستخدام المزدوج، أو أنها لا تصل إلى غزة لأسباب أخرى، أو إلى عدم وجود قائمة معلنة بأغراض محددة ذات استخدام مزدوج.

481880 مقتل شخص في إطلاق نار بمنطقة القدس
نازح فلسطيني يجلس أمام خيمة من الخشب والمشمع في رفح جنوب قطاع غزة (رويترز)

وعندما طُلب من «كوجات» توفير قائمة بهذه الأغراض، أحالت وكالة «رويترز» إلى واحدة يرجع تاريخها إلى عام 2008 متاحة على الإنترنت. وتندرج في هذه القائمة عشر فئات من الأغراض مثل الاتصالات والإلكترونيات والمواد المتطورة والدفع وأمن المعلومات.

وذكر مسؤول إسرائيلي مطلع على الأمر، طلب عدم ذكر اسمه، الأسمدة التي يمكن استخدامها لصنع المتفجرات والحديد الذي قد يستخدم في صناعة الصواريخ والمواد اللازمة لصنع معدات الحفر كأمثلة على المواد ذات الاستخدام المزدوج. وأضاف المسؤول «دون ذلك، لا يمكننا التوسع والمجازفة بمنح الجماعات الإرهابية أفكارا حول ما يجب فعله بمثل هذه المواد».

Share this content:

من eshrag

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *