يستمر الحراك الدبلوماسي في لبنان، حيث سجّلت لقاءات واتصالات على أكثر من خط، وإضافة إلى اللقاءات والاتصالات التي يقوم بها المسؤولون، ولا سيما رئيس حكومة تصريف الأعمال ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب، كانت زيارة الثلاثاء لوزير الخارجية التركي هاكان فيدان الذي أكد من بيروت العمل «على منع انتشار الحرب للدول الأخرى لا سيما تمدد الأزمة إلى لبنان ونحن ندعم لبنان ونرفض زعزعة استقرار هذا البلد».

وتأتي زيارة فيدان بعد زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الذي أعلن من بيروت أن «(حزب الله) حدد كل مراحل الخطوط الحمراء، وسيتخذ الإجراءات المناسبة وفق كل مرحلة»، ووزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا التي حضت السلطات اللبنانية على «بذل ما في وسعها» لتفادي انزلاق لبنان في دوامة الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حركة حماس».

واستهل الوزير التركي لقاءاته مع نظيره اللبناني مفتتحاً مبنى في وسط بيروت تبرعت بلاده لترميمه بعد انفجار المرفأ عام 2020، وتم اتخاذه مقراً لوزارة الخارجية، قبل أن يلتقي رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، حيث كان بحث في العلاقات الثنائية بين البلدين والوضع الراهن في جنوب لبنان وغزّة.

وخلال الاجتماع أكد ميقاتي «أن الأولوية الراهنة يجب أن تكون وقف الحرب الإسرائيلية الدائرة في غزة والاعتداءات الإسرائيلية على جنوب لبنان»، فيما لفت الوزير التركي «إلى التواصل مع الإسرائيليين لحضهم على وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات إلى قطاع غزة والعمل على إيجاد حل نهائي للصراع انطلاقا من حل الدولتين».

وفي مؤتمر مشترك للوزيرين التركي واللبناني، تحدث بوحبيب عن اللقاءات والاتصالات الجارية، وجدّد التأكيد على الموقف اللبناني بالقول: «لسنا هُواة أو دُعاة حرب، بل نرغب في الحفاظ على الهدوء والاستقرار».

وقال فيدان: «موضوع غزة مدرج في الخانة الأولى على جدول أعمالنا، نحن نواصل مشاوراتنا لاتخاذ التدابير لمنع توسع الاشتباكات ومنع استمرار القمع والاحتلال ونركز اتصالاتنا لإيصال المساعدات الإنسانية بسرعة لسكان غزة، وتستمر اتصالاتنا لمنع انتشار الحرب للدول الأخرى، لا سيما تمدد الأزمة إلى لبنان ونحن ندعم لبنان ونرفض زعزعة استقرار هذا البلد».

وأضاف «نعمل من أجل عدم انتشار الحرب، ونركز في الوقت عينه على إيجاد الحل. هذه الحرب قد تؤدي إلى حروب كبيرة جداً ومدمرة، لكنها قد تؤدي إلى حل تاريخي، والرئيس التركي رجب طيب إردوغان يؤمن أنه من الممكن الخروج من هذه الأزمة إلى السلام».

وشدّد على أن الوقت قد حان «ليقوم المجتمع الدولي بخطوة نحو قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس ومن أجل اتخاذ قرارات ملموسة في هذا الصدد الاتصالات مستمرة بكثافة… وسنعلن في الاجتماعات المقبلة الصيغة الجديدة لحل هذه المشكلة خصوصاً أنه بات معروفاً أن الصيغة القديمة لم تنفع».

وفي رد على سؤال عما إذا كانت تركيا ستشارك في مؤتمر جدة، وكذلك في قمة القاهرة، وماذا ستطرح على الطاولة؟ قال: «نحن جديون وسنطرح خلال مشاركتنا في هذه القمم أفكارنا حول حلول جديدة لأزمة غزة، لأن الحلول التي طُرحت حتى الآن لم تكن كافية وغير مقبولة من قبل الأطراف. حان الوقت لنهاية الأكذوبة من قبل القوات المهيمنة. هم يقومون باحتلال الأرض وهدم المنازل لتشييد المستوطنات ولا يمكن القبول بهذا الوضع، يجب التخلي عن الأكاذيب التي لا تجلب السلام لا إلى إسرائيل ولا إلى الفلسطينيين».

وعن الجهود التركية المبذولة في ظل الانتهاكات الإسرائيلية للقوانين الدولية ولحقوق الإنسان، قال: «خلال الأيام الماضية تم قتل الصحافي عصام عبد الله على الحدود… تركيا مستعدة للعب دور المسهل دائماً وهناك توجيهات من الرئيس إردوغان للمساعدة في هذا الإطار. حتى الآن تلقينا طلبات في ما يتعلق بالإفراج عن الرهائن وبحثنا هذا الموضوع مع الجناح السياسي لـ(حماس)، جهودنا مستمرة خصوصاً للإفراج عن الأجانب والمدنيين والأطفال، وسنستمر في العمل لإيجاد حل دائم».

من جهته، لفت بوحبيب إلى أن زيارة الوزير التركي كانت مقررة قبل أحداث غزة، وقال: «تأتي هذه الزيارة في لحظة دقيقة جداً، لكي نتشاور ونتبادل الآراء في هذه الظروف المعقدة والخطرة جدا التي تمر بها منطقتنا. نقوم منذ عدة أيام، بالتنسيق مع رئيس الحكومة، بحملة اتصالات دبلوماسية من ضمنها هذا اللقاء اليوم. نجري اتصالات مع عدد كبير من وزراء الخارجية العرب والأجانب، إضافة إلى لقاءاتنا مع سفراء أكثر من 35 دولة، منها الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، وسفراء الدول المشاركة في قوات اليونيفيل، والاتحاد الأوروبي، وغيرها لشرح الموقف اللبناني». وأوضح أن الموقف اللبناني يؤكد أولاً على «أننا في لبنان لسنا هُواة أو دُعاة حرب بل نرغب في الحفاظ على الهدوء والاستقرار. ولتحقيق ذلك يجب توفر شرطين أساسيين، الأول: وقف الاستفزازات والاعتداءات الإسرائيلية المتزايدة على الحدود الجنوبية، والقتل المتعمد للصحافيين واستهداف المدنيين والجيش اللبناني ومراكزه، ومواقع اليونيفيل، وقصف القرى والبلدات المأهولة بالمدنيين. كلها أفعال تصب الزيت على النار».

والشرط الثاني هو «وضع حد لاستمرار التصعيد في غزة لليوم الحادي عشر على التوالي الذي تحول إلى حقد أعمى على كل سكان القطاع».

وأكد أن «لا سلام، ولا أمان لإسرائيل، ولأي طرف في المنطقة دون الحل السياسي العادل والدائم والشامل القائم على أساس قرارات الشرعية الدولية، وحل الدولتين، ومبادرة السلام العربية التي تبنتها (قمة بيروت) عام 2002».

Share this content:

من eshrag

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *