لا شيء يضاهي غرابة وجمال جبل القهر الواقع في منطقة جازان (جنوب غربي السعودية)، بأشكاله المخروطية وتكويناته الصخرية الفريدة، وقممه العالية التي تعانق الغيوم في منظر بديع يستهوي عشاق الطبيعة، ومنهم المصور السعودي هشام الحميد، الذي التقط 23 صورة لهذا الموقع الخلاب شارك بها قبل أيام في مهرجان بكين الدولي للصورة، بمعرض أسماه «رجال الورد».

المعرض الذي اقتبس اسمه من أطواق الأزهار والنباتات العطرية التي يضعها سكان جنوب السعودية على رؤوسهم، والمعروفة باسم «عكاوة»، والتي تعد تقليداً أصيلاً وموروثاً فريداً يعرف به سكان المنطقة، يُظهر تنوّع التراث السعودي، ما جذب عدسة الحميد لالتقاط وجوه الشباب والرجال وكبار السن ممن لا يزالون متمسكين بزيهم التقليدي الأصيل.

صورة من مجموعة «رجال الورد» (الشرق الأوسط)

ثلاث رحلات مليئة بالتحديات

يكشف الحميد في حديث له مع «الشرق الأوسط» أن مشروعه مر بثلاث مراحل، قائلاً: «بدأت مشروعي في جبل القهر بجازان، وكان هدفي حينها أن أوثق رجال الورد، إلا أن انطلاق رحلتي تصادف حينها مع بدء موسم زراعة البن الخولاني الذي تشتهر به المنطقة والذي يحظى بدعم كبير لأهمية أشجار البن، كما أن الدول التي تزرعها محدودة على مستوى العالم».

ولفت الحميد إلى أن هذه التفاصيل جذبته لتنويع لقطاته واستثمار الغنى التراثي في المنطقة، حيث وثقت صوره زراعة البن، وكان النصيب الأكبر للصور التي التقطها لوجوه أهل الريث وأهل تهامة قحطان، وعنها يقول: «لم يكن التصوير سهلاً على الإطلاق، بسبب صعوبة الوصول إلى تلك المنطقة ووعورة جبل القهر، حيث يحتاج عبوره إلى استخدام سيارة دفع رباعي، علاوة على أن السير في الجبل يستغرق نحو ساعة لاجتياز الصخور الكبيرة».

كما أن التحديات التي واجهت الحميد تتعلق بعملية التصوير نفسها، مما دعاه للاستعانة بشخص من أهل المنطقة يسهّل له مهمة الدخول ومقابلة الناس لتصويرهم، وهو ما جعله يزور المنطقة أكثر من مرة؛ إذ كانت زيارته الأولى للمنطقة قبل نحو 3 أعوام، وبعدها بعامين كرر رحلته وتصويره بعد أن وجد أن الصور التي التقطها لم تكن كافية، كما يقول، وكانت آخر زيارة له قبل شهرين.

394435 «رجال الورد»... توثيق بصري ينقل موروث جازان إلى بكين
هشام الحميد أمام أعماله بالمعرض (الشرق الأوسط)

قصة فريدة بين مصوري العالم

بعد هذه الرحلات، جمع الحميد الصور وخرج بمعرضه الفوتوغرافي الشخصي الذي أدهش الجمهور في بكين، حيث تنوعت مواقع أعماله ما بين جبل القهر وتهامة قحطان ومزارع الداير للبن. عن هذه المشاركة يقول: «مهرجان بكين الدولي للصورة هو ثاني أكبر مهرجان في الصين، ويجمع المصورين من كل أنحاء العالم».

وأفاد بأن مشاركته جاءت لتمثيل السعودية في المعرض الذي ضم 10 دول عربية؛ إذ تم اختيار مصور واحد من كل دولة عربية، ويردف: «لديّ الكثير من المشاريع المتنوعة لكوني مصوراً متخصصاً بالسفر، لكن إدارة المهرجان كانت حريصة على أن يمثل المصور بلده، ومن هنا اخترت هذا الموضوع للمشاركة».

توثيق بصري وكتاب لـ25 رحلة

ويرى الحميد أن الأعمال المشاركة في المهرجان هي أشبه بعملية تسويق للدول التي تعكسها، ويضيف: «كل مصور مشارك كان يُظهر ما في بلده كنوع من التوثيق البصري، وحين شاركت في جلسة حوارية ناقشت هذا الجانب أيضاً وعرضت فيديو يظهر جمال معالم بلادي، كانت قد نفذته وزارة السياحة السعودية».

وبسؤال الحميد عن خطته بعد هذه المشاركة الدولية، يجيب بأن لديه مخزوناً كبيراً جداً من الصور لأكثر من 25 دولة زارها، ويعمل حالياً على إكمال هذا المشروع، ويضيف: «قبل أن أذهب إلى الصين كنت أعمل على كتاب صغير لأعمالي، لكني ارتأيت أن تكون الخطوة المقبلة متمثلة في كتاب يضم مجموعة أعمالي الفوتوغرافية».

394437 «رجال الورد»... توثيق بصري ينقل موروث جازان إلى بكين
ركز الحميد في معرضه على جبل القهر في جازان (الشرق الأوسط)

سيرة المصور

تجدر الإشارة إلى أن المصور السعودي هشام الحميد وُلد عام 1988، وبدأ التصوير في عام 2008، وهو مختص بتصوير السفر وحياة الناس إلى جانب شغفه بتصوير الوجوه. وقام بتأسيس أول فريق عربي لرحلات التصوير (فريق وجهة) في عام 2012، ليكمل رحلاته حول العالم مع مجموعة من المصورين المهتمين بنفس المجال، كما شارك في تنظيم وتحكيم العديد من المسابقات مثل: مسابقة الشرق الأوسط الكبرى، ومسابقة السعودية الدولية الأولى، وجائزة الشارقة للصورة العربية، وجائزة التميز الإعلامي لليوم الوطني. وحصل الحميد على لقب مصور «ناشيونال جيوغرافيك» لعام 2018، ونال أيضاً عدداً من الجوائز والتكريمات على المستوى المحلي والدولي، ومنها: جائزة آل ثاني الدولية، ومسابقة الإمارات للتصوير الضوئي، ومسابقة سيينا الدولية بإيطاليا، وجائزة مهرجان الصين الدولي السادس عشر، ومسابقة الكويت الكبرى للتصوير.

Share this content:

من eshrag

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *