يرتبط الوجدان السعودي بالإبل بشكل عميق؛ وذلك نظراً للمكانة الثقافية والتاريخية والتراثية لهذه الكائنات الممتلئة بالأصالة، بيد أن الفنان السعودي فهد النعيمة ينهل من رمزية الإبل ويستلهم منها موضوعه الأثيري الأول، ونقطة ارتكاز أعماله، وهو ما يتجسّد بوضوح في معرضه المقام حالياً في مدينة المنامة، تحت عنوان «نشيد الخطوط»، الذي يحظى برعاية من قبل الشيخ تركي بن راشد بن عيسى آل خليفة، نائب رئيس المجلس الوطني للفنون في مملكة البحرين، ويستمر حتى 7 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

المعرض الذي يضم ما يقرب من 20 عملاً فنياً، يستوحي اسمه من تشابك الخطوط التي ميّزت النعيمة وأظهرت فرادة أسلوبه الفني، وبصفته فناناً لا يكل ولا يمل من التجريب والتجديد؛ إذ يقدم من خلال هذا المعرض رؤية فنية حديثة عن «الجمل» أو ما يعرف بسفينة الصحراء، باعتباره عنصراً أو عدة عناصر في لوحة واحدة، مما جعله يتخيّل أن كثافة الخطوط أشبه بترنيمة موسيقية بصرية في الصحراء، أسماها «نشيد الخطوط»، وهو معرض يأتي امتداداً للمعارض السابقة للفنان والتي تناولت أيضاً قوافل الإبل وعوالمها الغنية.

يتجه أسلوب فهد النعيمة نحو التجديد والتجريب (الشرق الأوسط)

أثر «ضرماء» وبيوت الطين

يحكي النعيمة لـ«الشرق الأوسط» بدايات ولعه الفني بالإبل، مرجعاً ذلك لكونه عاش في مدينة ضرماء الواقعة على بُعد 60 كيلومتراً غرب مدينة الرياض، بمحاذاة جبال طويق الفريدة، مما جعله يتأثر ببيئة الصحراء وقوافل الإبل وبيوت الطين، ويردف: «كنت أرسم بشكل واقعي في بداياتي، ثم تطورت التجربة وبدأت أرسم بالألوان الزيتية متجهاً نحو التجريب مع تكثيف رحلاتي وتنقلاتي وزياراتي للمعارض». النعيمة اتجه حينها إلى التجريد واستخدام الأسلوب التعبيري بكثرة في أعماله التي تأتي بأسلوب «تعبيري – تجريدي»، وهو ما يأتي امتداداً لتجربته الفنية مع الإبل، ولكن بشكل معاصر، ومع تكرار التجريب والتطوير في رحلته الفنية بات ينجز أعماله بخامات مختلفة مثل الورق والسيراميك والخزف وغيرها.

393314 الفنان السعودي فهد النعيمة يختزل عوالم الإبل في «نشيد الخطوط»
عمل لفهد النعيمة في معرضه المستمر إلى 7 نوفمبر (الشرق الأوسط)

رمزية الخطوط

وبسؤال النعيمة عن عدم بروز الإبل بصورة واضحة في أعماله، يقول: «بدأت ألخص الإبل بحيث لم تعد تظهر بوضوح، مع تراكم وتطور التجارب، أصبحت أقدمها في خطوط مكثفة لا يلحظها المتلقي إلا بعد تمعّن طويل، أو ربما يجد في الشرح الفني ما يساعده على قراءة أعمالي… لتبدو الخطوط هي المحور الرئيسي في المعرض»، ولكن ما الذي يستوقفه في الإبل ويلهمه في التعبير الفني عنها؟ يجيب النعيمة: «يلهمني جمال الإبل وصبرها وقوتها، فأنا ابن البيئة النجدية، وهذه الكائنات تؤثر فيّ كثيراً؛ لذا فإني أشتغل عليها فنياً بكل حب وإيمان برسالة الفن في هذا السياق، على أن يكون اشتغالي الفني بأسلوب معاصر ومغاير».

393318 الفنان السعودي فهد النعيمة يختزل عوالم الإبل في «نشيد الخطوط»
التقاطة الإبل في أعمال النعيمة تتطلب ملاحظة قوية من المتلقي (الشرق الأوسط)

سيرة الفنان

تجدر الإشارة إلى أن الفنان السعودي فهد النعيمة المولود عام 1978، عضو في الجمعية السعودية للفنون التشكيلية، ولديه 5 معارض شخصية، أولها معرض «مشاعر خفية» بالرياض عام 2014، ثم معرض «إبل» في الرياض عام 2016، تلاه معرض «ما وراء الرمال» في الكويت عام 2017، ثم معرض «منقية الرياض» في الرياض عام 2017، وأخيراً معرض «نشيد الخطوط» المقام حالياً في البحرين.

كما شارك النعيمة في نحو 12 معرضاً جماعياً مشتركاً داخل وخارج السعودية، وحصل على عدة جوائز، من أهمها: جائزة الفن السعودي المعاصر (2009-2010)، والجائزة الأولى في مسابقة التراث العمراني (2014)، إضافة إلى الجائزة الثانية في مسابقة مهرجان الملك عبد العزيز للإبل المقتنيات (2017).

393317 الفنان السعودي فهد النعيمة يختزل عوالم الإبل في «نشيد الخطوط»
يستخدم النعيمة الأسلوب التعبيري التجريدي (الشرق الأوسط)

Share this content:

من eshrag

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *