مجهود لافت يبذله منظمو الحفلات من باب إبقاء لبنان نابضاً بالحياة. مبادرات فردية أو ضمن شراكة ضيقة تفلح بذلك، فيتلقفون المناسبات والأعياد ليصنعوا منها انطلاقاتهم المحفوفة بالمجازفة. فالبلاد تعاني من أزمات عدة أضف إليها حرباً تدور في جنوبه. كما أن الأوضاع الساخنة في المنطقة وأهمها حرب غزة تشعرهم بالغصّة. لكن غالبيتهم أخذوا على عاتقهم استحداث متنفس لمواطنيهم. ونشهد حالياً كثافة إعلانات تروّج لحفلات غنائية تقام في موسم الصيف.

يشدّد مغامس على ضرورة إبقاء لبنان راية الفن والثقافة (باسكال مغامس)

المنتج الفني باسكال مغامس هو واحد من هؤلاء، وينظم بمناسبة عيد الأضحى حفلين في كازينو لبنان. يحيي الأول منهما الفنان راغب علامة والموسيقي غي مانوكيان، بينما يطلّ في الحفل الثاني كل من إليسا وآدم.

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» يؤكد مغامس، صاحب التاريخ الطويل في هذا المجال، أن ما يقوم به هو بمثابة جهد فردي. ويوضح: «لا شريك عندي في حفلاتي، أنظمها وأحييها على عاتقي الشخصي، وذلك انطلاقاً من مبدأ تمسكي بلبنان الجمال وراية الفن والثقافة. أفكّر دائماً من منطلق أن (بكرة أحلى)، باحثاً دائماً عن طاقة إيجابية أزوّد بها بلدي في مشروعاتي على الأرض».

ربما في مواسم صيف ماضية كان منظمو الحفلات يعوّلون على حضور المغتربين اللبنانيين لحفلاتهم. ولكن هذه السنة الأوضاع في البلاد والمنطقة قد تثنيهم عن ذلك. ولذلك تأتي هذه الحفلات محفوفة بالمخاطر. لكن مغامس يرى أنه من خلال الإعلان عن حفليه يحاول كسر خوفهم. «لا آمل كثيراً بمجيئهم بالألوف كما في كل صيف. فالحجوزات حتى الآن ممتازة، ولبنان سيبقى عاصياً على الطامعين وصلباً بأبنائه».

665294 نتمسك بإبراز صورة لبنان المضيئة
راغب علامة يحيي حفل العيد في 17 يونيو المقبل (باسكال مغامس)

يعتمد مغامس في حفلاته على تغييرات تتناول إطلالات نجومها من باب، جذب جمهور عريض. «هذا المزيج الذي أتبعه بين أسماء لم يسبق أن تعاونتْ مع بعضها من قبل يحرز الفرق، فيستقطب شرائح جديدة من مجتمعنا تتحمس للقاء نجمين كبيرين لأول مرة. فراغب علامة لم يسبق أن أحيا حفلاً مع مانوكيان، وإليسا كذلك إذ يحضر اسمها في حفل واحد مع آدم لأول مرة أيضاً. فيغيب بذلك الإيقاع التقليدي المعروف في حفلات مماثلة».

يشير مغامس إلى أن عناصر أساسية تسهم في جذب الناس لحفل ما. ويختصرها كالتالي: «من العوامل الأساسية التي تستقطب الناس لحضور حفل ما المكان الحاضن له. فيجب أن يشعروا فيه بالأمان وبخدمات عالية المستوى. كما أن الأسعار تلعب دوراً بارزاً في هذا الموضوع. ولذلك أخذنا بعين الاعتبار حالة اللبناني الاقتصادية. وفرزنا أسعار بطاقات تُعد مقبولة نسبة إلى مستوى الحفل المقدم».

هذه الحفلات تدرّ الربح على المنتجعات ومراكز الترفيه التي تقام فيها. كما تؤمّن لقمة العيش لأكثر من 400 شخص. وتعدّ باب رزق ينتظره نادل المطعم، والموسيقي، ومصمم الديكور، وعامل الـ«فاليه باركينغ» وغيرهم. ويعلّق مغامس: «كان من البديهي على الأقل أن يُصدر إعفاء لنا بخصوص الضرائب المفروضة علينا. وانتظرنا ذلك من قبل وزارة السياحة. ولكن مع الأسف الدولة اللبنانية تعاني من العجز، ولا تفكر في هذه الأمور».

665293 نتمسك بإبراز صورة لبنان المضيئة
مع إليسا التي تحيي واحداً من حفلَيه في عيد الأضحى (باسكال مغامس)

وعلى عكس ما يعتقده بعضهم، فإن أجور الفنانين ارتفعت بشكل ملحوظ. فالنجم الذي كان يتقاضى في الماضي نحو 50 ألف دولار على حفل يحييه، ارتفع أجره ليصل إلى 70 ألفاً. وهكذا دواليك وصولاً إلى مبالغ مالية مرموقة لا يتنازلون عنها. «إنهم يبرّرون هذا الارتفاع بحجة القدرة الشرائية التي ارتفعت بدورها. ولا يجب أن ننسى تقاضيهم أجوراً مرتفعة في دول عربية وأخرى غربية. وذلك لقاء إجرائهم مقابلات تلفزيونية أو حفلات غنائية. وإذا لم يلاقوا الأجر الذي يرضيهم فهم مستعدون لتلبية عروض خارجية».

تغيب أسماء قديمة ومعروفة في عالم تنظيم الحفلات، كما يذكر مغامس لـ«الشرق الأوسط». ويرى أن غالبية الأسماء العاملة في هذه السوق اليوم جديدة على الساحة.

Share this content:

من eshrag

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *