لم يكن «الأخضر» السعودي مجرد ضيف عابر على البطولة القارية الكبرى، بل كان رقماً صعباً منذ إطلالته الأولى في كأس 1984 حينما انتزع اللقب القاري في ظهوره الأول، ليكرر منجزه في النسخة التي تليها ثم يخسر نهائي البطولة في نسخة 1992 لكنه عاد في نسخة 1996 لمعانقة الذهب القاري، ومعادلة رقم إيران في عدد البطولات المحققة بواقع 3 ألقاب لكل منهما.

وشارك «الأخضر» السعودي بعدما أظهر براعته للعالم، فهو عائد للتو من مونديال 1994 الذي بلغ فيه دور الـ16 رغم أنه الحضور العالمي الأول لـ«الأخضر» السعودي في المحفل العالمي الكبير.

وشكّلت هذه النسخة نقلة نوعية في تاريخ البطولة منذ انطلاقتها الأولى عام 1956، حيث ارتفع عدد المنتخبات المشاركة من 8 إلى 12، وكذلك انتشرت البطولة بشكل كبير من ناحية ساعات البث التلفزيوني والنقل في عدد كبير من الدول.

وتوزعت المنتخبات المشاركة على 3 مجموعات وضمت كل منها 4 منتخبات، إذ حضر «الأخضر» السعودي في المجموعة الثانية بجوار منتخبات إيران والعراق وتايلاند، أما الإمارات البلد المضيف فقد تزعمت المجموعة الأولى وإلى جوارها منتخبات الكويت وكوريا الجنوبية وإندونيسيا، وثالث المجموعات ضمت اليابان والصين وسوريا وأوزبكستان.

أقيمت المواجهة الافتتاحية بين الإمارات وكوريا الجنوبية وانتهت بالتعادل بهدف لمثله في مباراة أقيمت على ملعب الشيخ زايد في العاصمة أبوظبي.

كان الجمهور السعودي مسانداً لمنتخب بلاده في الإمارت (الاتحاد الآسيوي)

لكن «الأخضر» السعودي ألهب حماسة الأجواء هناك، حينما سجل انتصاراً كبيراً على حساب تايلاند بسداسية نظيفة أرسل معها رسالة قوية عن قدومه لاستعادة اللقب الذي فقده في النسخة الأخيرة في اليابان.

وواصل «الأخضر» السعودي رحلة انتصاراته في البطولة، وتجاوز العراق بهدف وحيد دون رد سجله اللاعب فهد المهلل، لكن المباراة الأخيرة لم تبتسم للمنتخب السعودي الذي خسر أمام إيران بنتيجة ثقيلة 3-0، لكن الحصيلة النقطية أسهمت بعبور «الأخضر» نحو الدور التالي من البطولة رفقة إيران التي تصدرت المجموعة بفارق الأهداف، بعدما امتلك المنتخبان الرصيد النقطي ذاته (6 نقاط لكل منهما).

وأربكت الخسارة الجمهور السعودي والمشهد الرياضي بصورة عامة، وهي تفاصيل يتذكرها البرتغالي فينغادا، مدرب المنتخب السعودي في تلك البطولة: «بالنسبة لي، وما زلت أعتقد ذلك، كانت إيران أفضل فريق، لقد كان لديهم أفضل اللاعبين، مثل علي دائي، وخوداد عزيزي، وكريم باقري. لقد ضمنا التأهل، لذلك قررت إراحة 8 لاعبين وقررت تغيير نظام اللعب 3-5-2».

ويضيف عن تبعات هذه الخسارة في حديث نُشر سابقاً في موقع الاتحاد الآسيوي لكرة القدم: «لقد خسرنا 0-3، وبطبيعة الحال، بدأت أجهزة الإنذار تقرع. شرحت أننا أرحنا لاعبينا، وفي ذلك الوقت لم يكن الوقت الفاصل بين المباريات كما هو الآن. في بعض الأحيان هناك 48 ساعة فقط بين المباريات، لذا لم أكن قلقاً للغاية».

وفي ربع النهائي كان «الأخضر» السعودي على موعد مع المنتخب الصيني في مباراة مثيرة شهدت تقلبات في النتيجة، لكن كلمة الحسم كانت لـ«الأخضر» بنتيجة 4-3 ليبلغ نصف النهائي.

في ثنايا المواجهة، تقدم منتخب الصين مبكراً، لكن فينغادا رمى بالورقة الرابحة اللاعب المخضرم يوسف الثنيان، الملقب بـ«الفيلسوف»، الذي أسهم في تعديل النتيجة وقلبها، يوضح المدرب البرتغالي: «كنت أعرف كيف يمكنه اللعب، وكنت أعلم أنه يتمتع بجودة عالية، لكنني قلت له إن الوقت قد حان لإحضار جودتك وتجربتك وهدوئك في جو جيد».

وتابع: «كنا محظوظين لأنه سجل هدف تقليص الفارق 1-2 ثم مرر كرة هدف التعادل 2-2، يمكنني القول إنه كان محظوظاً، ولكنه كان أيضاً لاعباً رائعاً وموهوباً. ربما كانت الصين تضم لاعبين أفضل، أقوى منا في بعض الجوانب، لكن مجموع جودة فريقنا كان أكبر من مجموع جودة اللاعبين الآخرين».

485803 عودة مظفرة لـ«الصقور الخضر»... وتتويج ثالث
يوسف الثنيان نجم وضع بصمته الكبيرة في تلك النسخة (الاتحاد الآسيوي)

وأضاف: «قدّم الثنيان شيئاً إلى فريقنا كان بحاجة إليه في ذلك الوقت، لتهدئة المباراة وإعادة التركيز. فقد كان رائعاً، خاصة أننا فزنا في النهاية بنتيجة 4-3 وقد حقق الثنيان هدف الفوز الرابع».

تقدّم «الأخضر» بخطوات ثابتة نحو المنافسة الجادة على اللقب، وواجه مجدداً الخصم الأقوى حينها منتخب إيران، الذي يضم نجوماً عمالقة عبر التاريخ، يتقدمهم الهداف التاريخي علي دائي، لكن «الأخضر» صمد وعبر بركلات الترجيح إلى النهائي الآسيوي. دقت ساعة الحسم والتقى «الأخضر» نظيره منتخب الإمارات صاحب الضيافة، واحتدم التنافس بينهما ومجدداً اضطر «الأخضر» لقطع وقت أطول في اللعب، واستمر التعادل في الشوطين الأصلي والإضافي واحتكم الفريقان لركلات الترجيح.

كانت لقطة واحتفالية خالد مسعد عالقة في أذهان السعوديين حينما نجح في إيداع الكرة الشباك في الركلة الحاسمة وأعلن، معها تتويج السعودية بثالث ألقابها القارية.

يختتم فينغادا حديثه عن ذلك: «لم تكن مباراة رائعة. لكن تاريخ أي منافسة يصنعه الفائزون والخاسرون ولا أحد يتذكر إذا فزت بركلات الترجيح أم لا. يتذكرون أن السعودية كانت بطلة للمرة الأخيرة عام 1996».

Share this content:

من eshrag

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *